facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خطوة استراتيجية لتجويد التعليم


د. أميرة يوسف ظاهر
28-04-2025 11:16 AM

في عالم تتسارع فيه المتغيرات وتتعاظم فيه الحاجة إلى بناء أجيال قادرة على التفكير والإبداع، يصبح الاستثمار في المراحل التأسيسية للتعليم هو الرهان الأذكى للمستقبل.

ومن هذا المنطلق جاءت خطوة وزارة التربية والتعليم بتأنيث الصفوف الأساسية من الأول وحتى السادس، لتشكل تحولا نوعيا في فلسفة التعليم؛ إذ تفتح الطريق نحو بيئة تربوية أكثر احتواء وتحفيزا، قادرة على غرس بذور التميز في عقول وقلوب أبنائنا منذ خطواتهم التعليمية الأولى والتركيز على إتقان المهارات الأساسية بشكل أعمق قبل الانتقال إلى التعليم التخصصي الأعلى.

ولأن السنوات الأولى من التعليم تشكل القاعدة الأساسية لكل مراحل النمو المعرفي والوجداني للطلبة بتركيزها على: مهارات القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى المهارات الاجتماعية والانفعالية وقيم المواطنة، والعمل الجماعي وحب التعلم؛ جاء هذا القرار كترجمة عملية لرؤية الوزارة الاستراتيجية في تطوير التعليم وتحسين مخرجاته، بما لا يقتصر على إعادة توزيع الكوادر التربوية فحسب، بل يتجاوز ذلك نحو بناء منظومة تعليمية أكثر استجابة لاحتياجات الطفل في مرحلة التأسيس، مستفيدا مما أظهرته التجارب المحلية والعالمية عن أثر المعلمة في تعزيز التحصيل الأكاديمي والانفعالي لدى الطلبة في مرحلة التعليم الأساسي الدنيا.

لقد أولت وزارة التربية والتعليم في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بقطاع رياض الأطفال، إدراكا منها أن البدايات القوية تصنع الفوارق الكبرى لاحقًا. ويأتي هذا القرار انسجاما مع هذا التوجه، بما يضمن استمرارية النهج التربوي الداعم والمساند للطفل من مرحلة الروضة وصولا إلى نهاية الصف السادس، مما يمنح أبناءنا فرصا أفضل للتأسيس في مهارات القراءة، والكتابة، والحساب، ويعزز قدرتهم على التفكير النقدي والإبداعي منذ الصغر.

وعلى صعيد الواقع الميداني يشكل هذا القرار استجابة عملية للتغيرات التي طرأت على التشكيلات المدرسية، وظهور تخصصات جديدة مقابل فائض ملحوظ في بعض التخصصات التقليدية. مما يسمح بإعادة توجيه الكفاءات البشرية بطريقة تضمن الاستثمار الأمثل للموارد، وتسهم في ترشيق الهرم الوظيفي التعليمي، وتزويد الصفوف الأولى بكفاءات مؤهلة قادرة على تقديم تعليم نوعي.

أما الأثر البعيد لهذا القرار فيتجلى في تهيئة الطلبة الذكور للانتقال إلى المرحلة الأساسية العليا وهم يمتلكون أساسا معرفيا ومهاريا قويا، مما يقلص من الفاقد التعليمي ويرفع من نسب التحصيل، ويعزز جاهزيتهم لمتطلبات المناهج المتقدمة في المراحل اللاحقة. كما أن وجود بيئة تربوية مستقرة وداعمة في هذه المرحلة يؤثر إيجابا على السلوكيات الصفية ويعزز الانضباط الذاتي لدى الطلبة.

ومع أن القرار ركز على تأنيث التعليم في الصفوف الأساسية الدنيا والعليا المبكرة، إلا أنه لم يغفل أهمية استمرار دور المعلمين الذكور في المراحل الأعلى، بما يتناسب مع طبيعة التطور العمري للطلبة، ويضمن لهم النماذج الإيجابية المتنوعة التي يحتاجونها في نموهم المتكامل.

إن تأنيث التعليم حتى الصف السادس لا يعد فقط استجابة لحاجة آنية، بل هو استثمار بعيد المدى في بناء أجيال أكثر تمكنا وثقة وقدرة على التكيف مع تحديات المستقبل، وهو ما يتسق مع الطموحات الوطنية الرامية إلى تعزيز رأس المال البشري، وبناء منظومة تعليمية مرنة وعصرية تستجيب لطموحات المجتمع الأردني وتطلعاته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :