facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيف جعلتني الحكومة أشعر بالظلّم .. مع أنني مُخطِئ؟! ..


محمود الدباس - أبو الليث
28-04-2025 04:56 PM

كنت أظن أن الظلم لا يقع إلا على البريء.. حتى جاءني الدرس من حيث لا أحتسب.. فقبل أسبوعين تقريباً.. وبينما كنت أعبر إشارات الدفاع المدني المعتادة.. اتخذت مسرباً خاطئاً.. كما اعتاد عليه أغلب العابرين منذ سنوات طويلة.. اعتدنا أن نبحث عن طريق يعيننا على الالتفاف يساراً.. دون أن نعيق مَن يريد المضي للأمام.. فالسيارات كثيرة.. والمسارب تضيق.. فكان الحل الشعبي.. أن نضيف مسرباً اضافياً.. عرفته أعين السائقين.. وتجاهلته العيون الرسمية لسنوات..

في ذلك اليوم.. وبينما أسلك طريقي كما اعتدت.. تفاجأت بسيارة إدارة السير تقف على جانب الطريق.. لم تضع إشارة تحذيرية.. ولم تسبقها حملة توعوية.. ولم يتم تحذيرنا يوماً.. أن خطأ اليوم سيختلف عن خطأ الأمس.. وخلال لحظات.. وصلتني رسالة المخالفة.. فعدت مباشرة إلى الإشارة الضوئية.. فلم أجد لهم أثراً.. كأنهم غيمة عابرة..

مرت الأيام بعدها.. وبيتي لا يبعد سوى بضع مئات أمتار عن تلك الإشارة.. أمر منها مراراً كل يوم.. وفي معظم الاوقات.. فلا أرى.. لا رقيباً.. ولا حسيباً.. وأشاهد العشرات.. بل المئات.. يعبرون بالمسرب نفسه.. فلا يتوقفهم أحد.. ولا تصطادهم كاميرا.. ولا يسمعون صفارة اعتراض..

أنا لا أنكر أنني أخطأت.. ولكن.. كيف أشعر بالعدالة.. وأنا أرى خطئي يتحول إلى روتين يومي مباح لغيري؟!.. كيف أقتنع.. أن الغاية من المخالفة هي الردع.. لا الجباية.. وأنا أعيش المفارقة بعيني كل يوم؟!..

لو كانت هناك كاميرا ترصد كل مخالف بلا استثناء.. لتساوى الجميع أمام القانون.. ولما وجدت في صدري مرارة الظلم.. ولو أن سيارة "المخالفات" ظلت أسبوعاً كاملاً عند الإشارة.. او تكرر وجودها في عدة مناسبات.. لعرف القاصي والداني.. أن ما اعتدنا عليه أصبح ممنوعاً.. ولانتظم الجميع خلف بعضهم البعض.. وإن طال الانتظار خمس دقائق.. أو أكثر..

أما أن تظهر الرقابة.. والردع.. وضبط المسارب فجأة.. وتختفي فجأة.. ولا تعود بعدها.. وتبقى المخالفة عبئاً على ظهور قلة دون سواهم.. فهنا تسقط العدالة من عرشها.. ويتسلل الظلم إلى قلب المخطئ.. قبل البريء..

أسأل نفسي كما يسأل الكثيرون.. هل الغاية فعلاً مما حدث.. هي تصويب السلوك.. أم أن ما يحدث مجرد تحصيل مالي.. لا أكثر؟!.. وهل ردع عشرة.. أو عشرين سائقاً.. خلال عشرين سنة.. هو حقاً إصلاح لحال وتنظيم الطريق؟!..

الردع الحقيقي.. والذي تتغنى به الجهات الرسمية.. هو الذي يُعلّم الجميع.. أن الخطأ لا يمر.. لا اليوم ولا غداً.. لا على أحد دون أحد.. الردع لا يكون بتسجيل مخالفة كل عدة سنوات.. ثم نعود إلى فوضانا المعتادة..

فالعدالة في كل مناحي الحياة.. ليست أن تضبط واحداً.. وتترك مئة.. ولا أن تقتنص الخطأ حين تشاء.. وتغض الطرف حين تشاء.. العدالة نظام ثابت.. يشعر الجميع بثقله حين يخطئون.. ويشعرون بأمانه حين يلتزمون..

فحين نرى القانونَ يحضرُ ساعةً.. ويغيب دهراً.. ويتحمل القلة وزرَ الجميع.. فهنا تنكسر العدالة في أعمق مكان في النفس..

لست أطلب إعفاءً.. ولا تبريراً.. بل أطلب أن نعيش تحت قانون واحد.. لا قانون الحظ والصدفة.. لأن الظلم.. مهما كان صغيراً.. يترك ندبة لا تزول في روح الإنسان..

ومن طباع النفس البشرية.. أنها تقبل حتى الظلم إذا عمّ.. وتعتبره نوعاً من العدل.. لأن لا تمييز بينهم..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :