facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أيعقل أن كل هذا العبث بلا مؤامرة؟!


محمود الدباس - أبو الليث
01-05-2025 03:44 PM

بعيداً عن العاطفة.. والمزايدات.. وعن مفهوم المعارضةِ والموالاة.. والمغالاةِ والتبسيط.. سأتحدث بكل موضوعية.. لعلّي أضع تصوراً أقرب إلى العقلانية والواقع المعاش.

في زاوية مظلمة من الوعي الجمعي.. هناك مَن يرى العالم.. على أنه رقعة شطرنج.. تحرّك فيها القطع بعناية.. ليس وفق مصادفات بريئة.. بل عبر مخططات معقّدة.. حيكت بخيوطٍ دقيقةٍ من المصالح.. والسيطرة.. والهيمنة.. وبين مؤمنٍ جازمٍ بهذه الرؤية.. ومنكرٍ ساخرٍ منها.. تضيع كثيرٌ من الحقائق بين ضباب الإعلام.. وخداع العناوين الكبرى.

يقال.. إن الحقيقة لا تموت.. لكنها قد تُخدّر.. أو تُقصى.. أو تُشوه.. وهذا ما يحدث.. حين نتناول ما يُعرف بـ"المؤامرة العالمية.. أو الكونية".. فهناك مَن يسخر منها.. وكأنها خرافة لتفسير الفشل.. وهناك مَن يراها المبرر الوحيد.. لأي مصيبة تقع.. ولكنّ الحقيقة ليست هنا.. أو هناك.. بل في المنطقة الرمادية.. التي لا تُضاء إلا بالنار.

فهل من المنطق.. أن تُرسم خرائط جديدة.. لدولٍ وشعوب على الورق في غرفٍ مغلقةٍ.. ثم نجد بعد سنوات تلك الخطوط.. قد تحولت إلى حدود تنزف دماً؟!.. وهل من العبث.. أن يظهر مقال في مجلة عسكرية أمريكية بعنوان "حدود الدم.. كيف يبدو شرق أوسط أفضل".. ثم نجد أحداثاً تتطابق مع خريطة تلك الفوضى؟!.

ما قاله "رالف بيترز" عام 2006 لم يكن نبوءة.. بل كشفاً عن نوايا وخطط.. قد وُضعت منذ زمنٍ بعيد.. خططٌ وُضعت بحنكة الشيطان.. وأدوات تنفيذها.. لا تتطلب بالضرورة جيوشاً مدججة.. بل وعياً نائماً.. وإعلاماً يروّج.. وساسةً يشاركون.. ومؤسسات تُخترق.

ولأن الخيوط تمتد إلى ما هو أعمق.. دعونا نعود إلى ما قبل "بيترز".. إلى مؤتمر "كامبل بانرمان" في بدايات القرن العشرين.. ذلك المؤتمر.. الذي لم يكن مجرد جلسة حوارية بين مفكري وسياسيي أوروبا.. بل كان بمثابة حجر الأساس.. في بناء الشرق الأوسط الجديد.. حيث تم الاتفاق على منع أي وحدة عربية.. قد تهددُ مصالحَ الاستعمار.. وتم التوصية بإنشاء كيان.. يفصل المشرق عن المغرب العربي.. فكانت النتيجة زرع الاكيان الاسرائيلي في قلب المنطقة.

المشكلة ليست فقط في أن هناك مَن يخطط.. بل في أن هناك مَن يُنفّذ.. أكان عن وعيٍّ.. أو عن جهلٍ.. أو طيبة.. وهنا نصل إلى النقطة الأخطر.. الداخل.. الداخل الذي يهيئ المسرح للمخططات لكي تُعرض عليه.. بعض الأفراد.. بعض المسؤولين.. بعض منظمات المجتمع المدني.. تلعب أدواراً في مسرحية لم تكتبها.. لكنها تحفظ نصوصها جيداً.

وهنا تدخل المؤسسات والهيئات الدولية.. كمن يدخل بيتك بحجة إصلاح الكهرباء.. ثم يبدأ بتغيير الجدران دون استشارتك.. عناوين براقة.. كالديمقراطية.. والشفافية.. وحقوق الإنسان.. لكنها تغلّف وصفات مُرّةّ بغلاف برّاقٍ من الديباج.. تُفرض على الشعوب.. وتخنق قراراتها السيادية باسم الإصلاح.

أما البنك الدولي وصندوق النقد.. فهما أشبه بالطبيب.. الذي يصف دواءً لمريضٍ لا يشفي.. لكنه يضمن له.. أن يبقى مريضاً بما يكفي ليحتاجه دائماً.. قروض تُغرق الدول.. إصلاحات اقتصادية تُفقر الشعوب.. وشروط ظاهرها النمو.. وباطنها السيطرة.

ومع ذلك.. فإن المؤامرة لا تنجح.. إلا حين نترك باب الوعي مغلقاً.. حين نسلم عقولنا لروايات جاهزة.. ولا نكلّف أنفسنا عناء التساؤل.. لأن أخطر ما يمكن أن تفعله الشعوب.. هو أن تفكر.. وأن تربط بين الأحداث.. وأن تتأمل ما وراء العناوين.

فليس المطلوب أن نعيش في وهم المؤامرة.. ولا أن ننكر وجودها جملةً وتفصيلاً.. بل أن نكون على وعيّ.. بأن العالم لا يتحرك بفوضى.. وأن هناك مَن يصنع الأزمات.. ليستثمر في حلولها.. وأن الخرائط التي تُرسم في الليل.. قد تتحول إلى واقع يُفرض علينا في وضح النهار.

قد يبدو المشهد سوداوياً أكثر من اللازم.. لكن الحقيقة.. أن بعض الدول والشعوب أدركت مبكراً.. أن الصمت ليس حكمة دائماُ.. وأن النجاة لا تأتي من وراء البحر.. بل من خلف الوعي المتراكم.. والثقة بالذات.. والتماسك الاجتماعي.. فها هي دول مثل ماليزيا.. وتركيا.. وفنزويلا.. وإيران.. رغم اختلاف الأيديولوجيات.. استطاعت أن تضع خطوطاً حمراء.. أمام أي مشروع تفتيتي.. لأنها ببساطة عرفت اللعبة.. ورفضت أن تكون حجارة شطرنج.

فالحذر ليس خوفاً.. بل وعياً.. والشك ليس اتهاماً.. بل سؤالاً مشروعاً.. والفهم ليس تبنياً لفكرة.. بل تفكيك لها.

الأسئلة الكبرى لا تزال معلّقة.. لكن العقل الحر.. والذاكرة اليقظة.. قد يكونان السبيل الوحيد.. للبقاء في زمنٍ تتناقص فيه مساحات النور.

وهكذا.. نكون قد اقتربنا من الحقيقة.. أو على الأقل.. لم نبتعد عنها كثيراً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :