لا اعرف معالى الوزير الصفدي ولم التقى به ولم امتدح وزيرا قط، اذكر مرة تسألت عن سبب غياب وزير ابتدأ برنامج اتمته وزاراته وسهل على المواطنين كثيرا ورفع المعناة عن الكثيرين وازيح عن منصبه قبل إتمام برنامجه كان وزيرا للعدل ويشغل اليوم نفس الموقع؟

منعا للتقول معالى الوزير ايمن الصفدي يمثل نموذجا مميزا للدبلوماسي العربي الذي يجمع بين الحضور السياسي والقدرة على التأثير محليا وعربيا وعالميا اثبت خلال سنوات توليه لوزارة الخارجية انه محلا للثقة واهلا للمسؤولية صوته مسموع ومواقفه ثابتة وادارته للملفات الحساسة دقيقة ومتزنة لا يجامل على حساب الموقف الوطني ولا يتردد في الدفاع عن مصالح بلاده بقوة ووضوح ومنطق مقنع استطاع ان يرفع من مكانة الدبلوماسية الاردنية ويجعل لها وزنا وصدرا مفتوحا في المحافل الدولية نأمل ان يستمر في هذا الدور الحيوي الذي تحتاجه الاردن في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب رجالا بمستواه وكفاءته.

لقد برز الصفدي في اكثر من محطة دولية وعربية كرجل مواقف لا تهزمه الضغوط ولا تحرفه الحسابات الضيقة عن المسار الوطني والقومي اذ وقف مدافعا شرسا عنه وعن القضية الفلسطينية حاملا الصوت الاردني العروبي في وجه مشاريع التصفية والتطبيع المجاني رافضا المساس بالثوابت ورافعا راية القدس والوصاية الهاشمية دون تلعثم او تراجع كما كان حضوره في المحافل الدولية قويا يفرض احترامه بهدوئه واتزانه وعمق منطقه ووضوح عباراته.

الصفدي لم يكن فقط وزيرا للخارجية بل كان صمام امان للسياسة الاردنية الخارجية ومدافعا صلبا عن امن الاردن واستقراره وعن حقه في الحفاظ على سيادته ومصالحه وسط محيط ملتهب وتحولات معقدة فكان صوته صوت العقل المنطقى الهادئ الذي لا يساوم ولا يتهور ولا يتخلى عن مبادئه.

وفي القضايا العربية كان الصفدي عروبيا اصيلا لم تغب دمشق عن خطاباته ولا بغداد ولا بيروت وكان نصيرا لحل الازمات بالحوار ورافضا للتدخلات الخارجية في الشأن العربي ومتمسكا بوحدة الصف العربي وتفعيل العمل العربي المشترك في وقت عز فيه التضامن وقلت فيه المواقف الجامعة.

معالى الوزير الصفدي يستحق التقدير ليس فقط لما يقوم به من واجبات سياسية بل لما يجسده من نموذج مشرف للمسؤول الاردني الذي يرتقي بموقعه وادائه ليكون رمزا للثقة والانتماء والعمل الهادئ المنتج نأمل ان يبقى ايمن الصفدي في موقعه ليواصل هذه البصمة الدبلوماسية العروبية التي يحتاجها الاردن وتحتاجها امتنا في زمن كثرت فيه الاصوات وقل فيه الصدق والثبات.