جنبلاط في مخاوفه الاقليمية الحقيقية
خلدون ذيب النعيمي
05-05-2025 12:57 AM
لم تكن المخاوف التي اطلقها الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط من استهداف امن الاردن وسيادته وذلك على اثر الكشف عن خيوط العملية التخريبية مؤخراً بل ودعوته الجميع لدعم الاردن سياسياً واقتصادياً الا ترجمة حقيقية لقراءاته الشاملة لما يجري في المنطقة والممثلة باستمرار العدوان الاسرائيلي على مدنيي غزة وما يرافقه من مخططات التهجير والتوطين ، فضلاً عن زعرنة حكومة التطرف في تل ابيب بعدم الالتزام باتفاق وقف اطلاق النار في جنوب لبنان وهجماتها على سورية ومحاولة خلط الاوراق وتوتير الاحوال العامة فيها من خلال ادعاء حماية مكون اصيل من المجتمع السوري عبر تاريخه ، وكل ذلك يجري بدعم اميركي غربي يغض النظر عن جرائم اسرائيل وسلوكها في المنطقة .
جنبلاط الذي التقى جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته الاخيرة لعمان في شهر حزيران الماضي وثمن وقتها الدور الاردني الكبير بكونه الداعم الاول انسانياً لمدنيي غزة من خلال عمليات الانزال الجوي أشار ان الدولة الأردنية الآن بثبات مواقفها وأمنها واستقرارها هي بمثابة خط الحماية الاخير في المنطقة امام مشاريع طغمة التطرف تل ابيب ، وهنا تبدو اقوال جنبلاط كإشارة ضمنية لكون الاردن يملك الحدود الاطول مع فلسطين المحتلة وايضاً بالنظر لما يجري في سورية ولبنان وعدم وجود مشروع عربي موحد يواجه مخططات تل ابيب ، وهو الأمر الذي تمثل بدعوته العرب ان يكونوا الى جانب الاردن في هذا الوقت لأن شرور تل ابيب لن تستثني احداً ولا يحكمها اتفاقات ولا معاهدات وما عندها "لحية ممشطة" بالدارج العامي .
وليس بعيداً عن الاردن حذر جنبلاط ابناء طائفته المتواجدين في محافظة السويداء السورية الحدودية مع الاردن من الوقوع في براثن الخداع الإسرائيلي في أدعاء حمايتهم والخوف عليهم وذلك للإيقاع بينهم وبين باقي شرائح شعبهم السوري الحاضن لهم ، جنبلاط يدرك جيداً أن نجاح اسرائيل في خططها في السويداء لن يكون اسيراً للداخل السوري بل سيمتد اثره الى المنطقة وبالذات لبنان الذي شهد خلال سنيين الأزمة السورية مناوشات مستمرة بين السنة والعلويين خاصة في مدينة طرابلس الشمالية ، واشار جنبلاط أن الدروز بخداع اسرائيل لهم فسينظر لهم من قبل المكونات المجتمعية الإسلامية والعربية الاخرى بأنهم وضعوا انفسهم كأداة للمحتل الاسرائيلي وهو الأمر الذي ينافي المبادئ والوقائع التاريخية لهم .
وليد بيك "كما درجت حسناوات الفضائيات الاخبارية اللبنانية وصفه" ، ينطلق بمخاوفه وقراءاته هذه من كونه الزعيم المخضرم الذي واكب الوقائع والاحداث اللبنانية والعربية على مدى خمسين عاما الاخيرة كزعيم سياسي بعد مقتل والده كمال جنبلاط خلال الحرب الاهلية اللبنانية ، وكان يُنظر ان تجاذبات القوى الموجودة على الارض اللبنانية في هذه الحرب ما هي الا انعكاس لتجاذبات القوى الاقليمية بما فيها اسرائيل التي انخرطت مباشرة في فصولها ، ووليد بيك يبدي في هذه المخاوف نتائج تعتبر بمثابة حصاد خبرة السنيين بالنسبة له ، فإسرائيل لا يعنيها مصطلح الاصدقاء كثيراً الا بالقدر الذي ينفذ مصالحها على الارض الواقع وتشير ايضاً هذه النتائج بشكل واضح ان المتغطي بإسرائيل لن يكون أفضل حالاً من المتغطي بأميركا .