facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قاعدة بيانات وطنية موحَّدة تمهِّد الطريق لصنع القرار


د. علي الروضان
06-05-2025 01:08 PM

يعمل الأردن حاليًّا على تطوير قاعدة بيانات وطنية موحَّدة، انسجامًا مع التوجيهات التي أصدرها صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، بهدف تسريع مسار التحوّل الرقمي. يأتي هذا المشروع ليوحِّد قواعد بيانات الوزارات والمؤسّسات المختلفة، فيؤسّس لمرحلة جديدة من صنع القرار المبني على البيانات في جميع مفاصل العمل الحكومي، ويرفع مستوى شفافية الإدارة العامّة وفعالية أدائها.

على مرّ السنوات السابقة، اعتمدت الحكومات عمومًا في اتخاذ قراراتها على الحدس أو الاعتبارات السياسيّة أو الخبرات الشخصيّة، ما جعل القرارات معرّضةً لعدم الدقّة أو الابتعاد عن الأولويّات الواقعيّة. أمّا اليوم، فتتّجه الدول إلى تبنّي منهج “صنع القرار المبني على البيانات”، حيث تجمع حكوماتها مؤشّرات متنوّعة تشمل المعلومات السكّانيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة وغيرها، لتطويعها في وضع سياسات أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين. في هذا السياق، تأتي أهميّة مشروع توحيد البيانات في الأردن، إذ ستوفّر المنظومة الرقميّة الجديدة لصنّاع القرار معلومات شاملة ومتكاملة تُعين على توجيه المشاريع والخدمات العامّة نحو الاحتياجات الفعليّة.

ويرى خبراء الاقتصاد الرقمي أن واجهات برمجة التطبيقات (APIs) ستضطلع بدور أساسي في تيسير الربط بين الأنظمة الرقميّة الحكوميّة المتعدّدة، إذ تسمح بتبادل البيانات وتوحيدها في الوقت الحقيقي تقريبًا، فتختصر الجهود المبذولة في الإضافات اليدويّة المرهقة. وبعد اكتمال عملية الدمج هذه، يصبح بالإمكان الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات المتقدّمة، بما في ذلك النماذج التنبّؤيّة التي تتيح رصد المشكلات قبل وقوعها، وتوجيه العمل الحكومي بكفاءة أكثر. وكلّما توفّرت البيانات بطريقة آمنة وشاملة، ارتفعت قدرات المؤسّسات العامّة على تشخيص التحدّيات وتبنّي الحلول الأنسب.

إلى جانب ذلك، ينظر المراقبون إلى خطوة توحيد البيانات باعتبارها ركيزة مهمّة لتعزيز الشفافية؛ إذ يصبح الحصول على المعلومات الحكوميّة أكثر يُسرًا وثقةً، ويتاح للمواطنين الاطلاع على مبرّرات القرارات ومتابعة مراحل تنفيذها، ما يوطّد الثقة ويعزّز مفهوم المساءلة. ومن المتوقّع أيضًا أن يشهد الأداء الحكومي نقلة نوعيّة في الخدمات العامّة، بفضل السرعة والدقّة في توفير البيانات، فضلًا عن تحسين إدارة الموارد. فبدلًا من إهدار الوقت في استخراج بيانات متفرّقة من جهات عدّة، سيتمكّن الموظفون الحكوميون من الوصول الفوري إلى قاعدة بيانات مركزيّة، تزوِّدهم بإحصاءات ومؤشّرات دقيقة تدعم عملية صنع القرار في الوقت المناسب.

ولكي تؤتي هذه الجهود ثمارها بنجاح، لا بدّ من وضع إطار حوكمة واضح لإدارة البيانات، يشمل سياسات لحماية الخصوصيّة وضمان جودة المعلومات وأمنها، إضافةً إلى إنشاء بنية تحتيّة حديثة تستوعب كمًّا هائلًا من المعلومات وتتيح تحليلها بدقّة عالية. وفي موازاة ذلك، لا بدّ من تطوير قدرات الكوادر البشريّة وتمكينها من مهارات التحليل الرقمي، حتى تُترسَّخ ثقافة “صنع القرار المبني على البيانات” على مختلف المستويات الإداريّة.

أما على صعيد التطبيقات العمليّة، فيمكن توظيف المنظومة الجديدة في مراقبة الأداء بمختلف القطاعات الخدميّة كالصحة والتعليم والنقل، وتحديد الثغرات الميدانية قبل تفاقمها، واقتراح الحلول الملائمة. ويساعد توحيد البيانات في رصد مستمر لمؤشّرات اقتصاديّة رئيسية، الأمر الذي يشكّل عاملًا جذابًا للمستثمرين ويدعم توجيه السياسات الاقتصاديّة على نحو دقيق. ومن زاوية أخرى، يمكن تعزيز التفاعل مع المواطنين بإتاحة قنوات تواصل إلكترونيّة متطوّرة، يجري من خلالها استقبال المقترحات وتحليل الآراء عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

وفي الختام، يمكن القول بإنّ مستقبل التحوّل الرقمي في الأردن واعد، فمشروع قاعدة البيانات الوطنيّة الموحَّدة يضع المملكة في صدارة الدول التي تعتمد على البيانات في إدارة الشأن العام. ومن شأن هذا النظام أن يضفي مزيدًا من الدقّة على القرارات الحكوميّة، وأن يعزّز الثقة بين المواطن والدولة، وأن يجعل الأردن نموذجًا إقليميًّا طموحًا في تبنّي التكنولوجيا والابتكار. ومع توافر البُنى التحتيّة اللازمة والتشريعات الداعمة والإرادة السياسيّة للمضي قدمًا في هذا المسار، قد يصبح صنع القرار المبني على البيانات دعامةً رئيسة لدفع عجلة التنمية الشاملة في البلاد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :