facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




(العربي) الثقافة في كلّ بيت


أمل المشايخ
24-12-2025 07:15 PM

كنت في ربيعي الحادي عشرَ حينَ وجدتُها في طريق عودتي من المدرسةِ مبلّلةً بالمطرِ... تساءلتُ بين نفسي وبيني – ولمّا أعرفُ الفرقَ بينَ المجلّةِ والكتابِ - : هلْ تُرمى الكتبُ في الشّارع؟!

التقطتُها وحملتُها - كما قطّةٍ طيّبةٍ - وعدتُ إلى البيتِ ووضعتُها تحتَ مدفأةِ الدّيزلِ لتجفَّ.

قرأتُها كلمةً كلمةً: قرأتُ حديثَ الشَّهر بقلم د. أحمد بهاء الدّين (الذي كانَ رئيسَ تحريرِ العربيّ آنذاك) وقرأتُ قصّةً قصيرةً وعددًا من القصائد واستطلاعًا – أظنه كانَ عنْ (تاج محلّ ) في الهند – وقرأتُ شيئًا منْ أخبارِ الطّبِ والعلمِ والاختراعِ، وقرأتُ مسابقةَ العددِ كما قرأتُ إجاباتِ مسابقةِ العددِ الفائتِ... عرفْتُ يومَها أنَ الملكَ الضلّيلَ هو امرؤ القيس وأنّ الخنساءَ هي تماضر بنتُ عمرو وأنّ أبا العلاء المعريّ هو رهينُ المحبسيْن.

تتالت القراءةُ وتتالتْ أعدادٌ من (العربي) كنتُ أشتريها بقروشي المعدوداتِ.. تتالتِ الكتبُ التي أصبحتْ قراءتُها عادةً يوميّةً ... كثيرٌ من المعلوماتِ التي عرفتُها فيما بعدُ كانَ لها جذورٌ في ذلكَ العددِ حينَ كانتِ المجلةُ حاديًا ودليلًا استأنسُ بها كلّما احتجتُ معلومةً أوْ سعيتُ لفكرةِ بحثٍ قبلَ أنْ يكونَ (العم جوجل) وأشقاؤه منْ محركاتِ البحثِ.

أنْ تُحافظَ مجلةٌ على صدورِها سبعةً وستّين عامًا يُنبئُ عنْ أصالةٍ في الطَّرحِ وعمقٍ في الفكرةِ وقوّةٍ في التّنافس مع وجودِ عددٍ كبيرٍ منَ المجلاتِ على اختلافِ توجّهاتِها العلميّةِ والأكاديميّة والأدبيّة والرّياضيّة والشّأن النّسويّ الذي تنافستْ غيرُ ما مجلةٍ للتّصدّي له إضافة إلى مواقع التّواصل التي صرفت الاهتمام عن الكتاب.

قرأتُ (العربي) قبلَ أنْ أقرأ مجلاتِ الأطفالِ، وكمْ كانَ سروري عظيمًا حينَ رأيتُ العددَ الأوّلَ منَ (العربي) في دارة وصفي التّل – رحمه الله - رئيسِ الوزراءِ الأسبقِ في الأردنّ – إذْ كنتُ في زيارةٍ للدارةِ التي أصبحتْ معلمًا منْ معالمِ وزارةِ الثّقافةِ. وجدتُ الكتبَ تملأُ كلَّ الغرفِ – حتّى المطبخُ – ورحتُ أقلّبُ الصَّفحاتِ وكأنّني أعبرُ البوابةَ الأولى للحلمِ: استطلاعٌ عن القاهرة، وموضوعٌ عنِ التّمور، ومقالةٍ للأديبِ العملاقِ عباس محمود العقّاد عن صلاح الدّين الأيوبيّ – إذْ صدرَ العددُ الأوّل قبلَ رحيلِ العقّادِ بستّة أعوامٍ.

الأديبُ والعالمُ الكيميائيّ المصريّ أحمد زكي الذي كان يكتبُ مقالةً ضافية بعنوان (في سبيلِ موسوعةٍ علميّةٍ) وحينَ جُمعتْ هذه المقالاتُ في كتابٍ مستقلٍّ أصبحتْ موسوعةً بحقٍّ تفرّدتْ لا بموضوعاتِها العميقةِ وحسبُ وإنّما بهذا الأسلوبِ الجديدِ الذي جمعَ بينَ رصانةِ العبارةِ العلميّةِ، ورشاقةِ الصّورةِ والأسلوبِ ما صحَّ أنْ يسمّى فيما بعدُ بـ (الأسلوب العلميّ المتأدّب).

في الأعدادِ المتتاليةِ عبرَ عقودٍ أثبتتِ (العربي) قدرتَها على دخولِ كلِّ بيتٍ إذْ تنبّهت لفكرةِ قبولِ الآخرِ على اختلافِ الأجناسِ والألوانِ والأعراقِ؛ ليجدَ قارئُ المجلةِ موضوعاتٍ في العلومِ والتّاريخِ والجغرافيا والطّب، ومقالاتٍ في المكتبةِ العربيّةِ قديمًا وحديثًا.

لمْ تنسَ (العربي) الطفولةَ؛ فكانَ ملحقُ (العربي الصّغير) الذي رافقَ المجلّةَ منذُ صدورَها في ديسمبر من عامَ 1958؛ ليستقلَّ في مجلّةٍ خاصّةٍ في فبراير من عام 1986.

(العربي) التي تصدرُ شهريّا عنْ وزارةِ الإعلامِ بدولةِ الكويتِ وتوزَّعُ في كثيرٍ منْ دولِ العالمِ دخلتْ كلَّ بيتٍ عربيٍّ عبرَ سنواتِها التي تقارب السبعين (باستثناء فترة حرب الخليج؛ إذ توقفت العربي عن الصدور منذ عام ١٩٩٠؛ لتعود للصدور من جديد عام ١٩٩٧)، وشكّلتْ ثقافةَ أجيالٍ متعاقبةٍ تدينُ لها بالفضلِ؛ إذْ كانتْ مجلةً غيرَ ربحيّةٍ منذُ صدورِها تُباعُ بدراهمَ معدودةٍ.

أقولُ هذا ومجلّةُ (العربي) الكويتيّة - التي أشهدُ أنّني منْ جيلٍ تربّى عليها - تحتفل بعيدها السّابع بعدَ يوبيلها الماسيّ هذا الشّهر.

سبعٌ وستون وردةً لمجلّةٍ جعلتِ الثّقافةَ زادًا كالخبزِ وضرورةً كالهواءِ والماءِ.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :