facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إصلاح التعليم؟ أم هندسةٌ اجتماعية؟! .. تأنيث التعليم تحت المجهر


محمود الدباس - أبو الليث
08-05-2025 01:17 PM

ليس من السهل أن تُحدث تغييراً في بنية التعليم.. دون أن تُلامس بنية المجتمع ذاته.. فحين تقرر وزارة التربية.. أن تجعل التعليم حتى الصف السادس محصوراً بالكادر النسائي.. تبدو الخطوة في ظاهرها إدارية تنظيمية.. لكنها تحمل في طيّاتها أبعاداً أبعد من الصفوف والمناهج.. فما الذي يجري فعلاً؟!.. هل هو مجرد تعديل وظيفي؟!.. أم أننا أمام مشروع أعمق.. قد يُعاد فيه تشكيل الوعي عبر الأدوار التربوية؟!..

ربما يبدو الحديث عن تأنيث التعليم المبكر.. كجزء من مشروع تربوي ناعم.. أكثر قرباً من الطفولة واحتياجاتها النفسية.. لكن.. هل يُراد له.. أن يُمرّر من بوابة التربية.. إلى ساحةٍ اجتماعية أوسع؟!.. وهل نحن أمام خلط خفي.. بين الحاجة التربوية.. والتصور الثقافي.. الذي يرى في الأنثى رمزاً للطمأنينة فقط؟!..

في المراحل الأولى من التعليم.. لا تقتصر العلاقة بين الطفل والمعلّم على المعرفة والأنشطة.. بل تتجاوز ذلك.. لتشكّل وعيه الأول تجاه السلطة.. والقانون.. والانضباط.. والقدوة.. فإذا ما اختزلنا هذه العلاقة في الارتياح العاطفي فقط.. هل نكون بذلك نربّي عقلاً متوازناً؟!.. أم نفساً مرتاحة على حساب البُنية المنهجية؟!..

وهل تغذية عقل الطفل بصورة واحدة للمعلّم.. تجعلنا نواجه لاحقاً صدمة التنوّع حين يكبر؟!.. وهل تأنيث التعليم المبكر.. إن لم يُرافقه مشروع متكامل.. في المناهج.. والبيئة المدرسية.. والمجتمع.. سيكون خطوة واثقة.. أم زينة شكلية لا تمس جوهر الأزمة؟!..

ثم.. ماذا عن صورة الرجل في عقل الطفل؟!.. هل غيابه عن مشهد التعليم الأساسي.. سيُنتج وعياً غير متوازن تجاه الذكر في أدوار السلطة والمعرفة؟!.. وهل المطلوب.. أن يعتاد الطفل على أن النظام والقيادة.. تأتي بصوت ناعم فقط؟!..

ما من دليل قاطع على أن الإناث أكثر قدرة على التعليم في هذه المرحلة.. كما لا يوجد ما يثبت العكس.. لكن عندما يُربط "النوع" بالكفاءة دون بيّنة.. فهل نكون بصدد معالجة تربوية.. أم هندسة اجتماعية؟!..

القرار بحد ذاته لا يُعيبه جنسه.. بل السياق الذي يُفرغ منه.. فإن كانت المدارس تعاني من العنف.. فهل الحل في تأنيث الكادر؟!.. وإن كانت تعاني من ضعف التحصيل.. فهل يكفي تبديل المعلم؟!.. أين التأهيل النفسي والتربوي؟!.. أين تدريب الكوادر على احتواء الطفل.. ذكوراً وإناثاً؟!..

ثم ما مصير المعلم الذكر.. الذي أفنى عمره في هذه المرحلة؟!.. هل يتم استبعاده دون بدائل؟!.. وهل بذلك نكون أنصفنا المؤسسة التربوية.. أم أعطيناها وجهاً واحداً.. لا يعكس التنوع البشري والطبيعي؟!..

ليست القضية في جنس المعلّم.. بل في عمق رسالته.. وفي أدواته.. وفي الحاضنة التي يعمل فيها.. فهل نحن فعلاً نعالج الأزمة.. أم نُعيد ترتيب الأثاث التربوي.. فوق أرضية مهترئة؟!..

فالتعليم.. وخصوصاً الأساسي منه.. ليس ساحةً لتجريب التصوّرات الاجتماعية.. ولا حقلاً لإثبات النوايا الطيّبة.. بل هو الركيزة الأولى لبناء الإنسان.. فإن نحن لعبنا في تفاصيله.. دون أن نمسك بجوهره.. قد نُربّي أجيالاً مرتاحة.. لكنها هشّة.. وديعة.. لكنها عاجزة عن مواجهة صخب الحياة.. وساعتها.. لن ينفعنا جمال الصوت.. إن لم يترك في الوعي أثراً يبقى..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :