كتب معالي د . حازم الناصر مقالة بالغة الأهمية (نشرتها عمون ) بعنوان ( الهند والسند وباكستان ) على خلفية التوتر العسكري الخطير والاشتباكات بين البلدين ، أضاء معالية إضاءة مهمة على خلفية النزاع المائي على استخدام حوض نهر السند ، واورد معلومات لم تكن معروفة للقراء وتستحق المتابعة كما يستحق الدكتور الناصر الشكر على مقالته الثمينة .

ما اردت ان اضيفه هو أن من يقرأ مقالة د الناصر يهيء له أن سبب النزاع الهندي الباكستاني هو الخلاف على تقاسم مياه نهر السند حيث يعيدنا الكاتب الى ( اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية ) وهي اتفاقية دولية دخلت حيز التنفيذ في العام ٢٠١٤ لتنظيم الاستخدام العادل حسن النية للمجاري المائية العابرة لحدود اكثر من دولة كنهر النيل ونهر السند الذي يتدفق بين الهند والباكستان بقوة مائية توازي ثلاثة اضعاف نهر النيل حيث يصف الناصر النزاع بين البلدين بقوله ( مشكلة في غاية التعقيد تتصدر المياه احدى عناصرها. ويعد هذا الخرق من النزاعات القليلة جداً ان لم يكن الوحيد الذي أدى الى اندلاع حرب بسبب المياه ) .

وفي واقع الامر فان المياه ليست السبب الرئيس وهي بالفعل احد عوامل النزاع ولكنها لم تكن ابدا الشرارة التي اشعلت حروبا بين البلدين وانما كان السبب هو النزاع الذي تركه الاستعمار البريطاني على مقاطعتي جامو وكشمير وكعادته لا يخرج من مستعمرة إلا ويترك فيها عقدة نزاع وصراع دائم كما فعل في اليمن والخليج وفي كل مستعمرة بريطانية سابقة .

ففي العام ١٩٤٧ قامت بريطانيا بتقسيم المستعمرة الهندية الكبرى الى دولتين على أسس دينية حيث نشأت دولة الهند ذات الاغلبية الهندوسية البوذية ودولة الباكستان ذات الاغلبية المسلمة واستثنت مقاطعتي جامو وكشمير لتقرير المصير لاحقا ، وفي الحقيقة لتكون سبب نزاع مستمر منهك للدولتين حيث قامت الهند بالاستيلاء على ثلثي المنطقة واستولت الباكستان على الجزء المتبقي دون اتفاق على ترسيم الحدود التي اصبحت سببا لنزاع مسلح باندلاع حرب عام ١٩٤٨ وحرب عام ١٩٦٥ تبعتها في العام ١٩٧١حرب اكبر باتجاه باكستان الشرقية لدعم انفصالها عن باكستان حيث استقلت بقيادة الشيخ مجيب الرحمن عبر دبابات الجيش الهندي واصبحت تسمى (بنغلادش ) .

وفي الوقت الذي يطالب فيه مواطنو جامو وكشمير بالاستقلال ترفض الهند التخلي عن اجزاء كبيرة من المقاطعتين على اساس وجود اغلبية هندوسية في بعض المناطق الامر الذي نتج عنه ظهور جماعات وتنظيمات مسلحة تطالب بالتحرير حيث قامت باستمرار يشن هجمات مسلحة على القوات الهندية واحيانا عمليات تفجير داخل مدن هندية كانت تتسبب دائما برد هندي عبر الحدود ومناوشات بين الجيشين الهندي والباكستاني .

لو كان النزاع يتركز على المياه لأمكن التوصل الى اتفاق سهل بالاستناد الى القانون الدولي ، ومن هنا فان موضوع المياه جانب هامشي في النزاع الذي يعود الى اسباب طائفية دينية دأب الاستعمار البريطاني على تركها قائمة كبركان خامد ينتظر الانفجار في اي وقت .