facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التعديل الوزاري: اختيار الكفاءات حجر الزاوية في بناء الوطن


د. محمد خالد العزام
16-05-2025 08:54 PM

في زمنٍ يتسارع فيه نبض التحديات، وتتعاظم فيه الطموحات نحو غدٍ أفضل، يبرز دور القيادة كبوصلةٍ ترسم مسار الأمل وسط تعقيدات الواقع. إن المشهد الراهن يفرض علينا جميعاً وقفةً جادّة لإعادة ترتيب الأولويات، وتجديد الأدوات، لأن تحقيق التنمية يحتاج إلى رؤيةٍ واضحة وفرق عملٍ قادرة على تحويل التحديات إلى فرص. فكما أن السفينة تحتاج إلى بحّارةٍ مهرة لاجتياز العواصف، فإن مسيرة الوطن تتطلب كفاءاتٍ واعية تمسك بدفة القيادة بثقةٍ وحكمة. ومن هذا المنطلق، يصبح التغيير الوزاري المدروس خطوةً ضرورية لتعزيز مسيرة التطوير، وضمان انسجام العمل الحكومي مع تطلعات الشعب وطموحاته المشروعة.

لن ننسى بسهولة سنواتٍ مضت كالظل الثقيل، حيث حكومة سابقة تركت وراءها حقولاً جرداء من الإنجازات، وحصاداً مريراً من الأزمات. فهل يُعقل أن يظل المواطن يراوح بين الفقر والبطالة، بينما تُدار البلاد بمنطق الروتين البارد؟ إن الأرقام لا تكذب: اقتصادٌ يعاني من السُعال، وشبابٌ يحلمون بلقمة العيش، ومواطنون يتساءلون أين ذهبت أحلامهم؟ إنها ليست دعوةً للتغيير فحسب، بل صرخةٌ تخرج من أعماق الأرض، تطالب بفريقٍ وزاري يحمل في يده خريطة النجاة، وفي قلبه إرادة التحدي.

ومن هنا، يصبح اختيار الفريق الوزاري الجديد اختباراً حقيقياً للإرادة السياسية، فليس المطلوب وجوهاً تتغير بين الحكومات وفق حسابات ضيقة، بل قياداتٌ تحمل في سجلها ناصية الكفاءة، وفي ضميرها رسالة الوطن قبل أي اعتبار. فكيف نرضى بوزيرٍ يضع ولاءه الشخصي فوق المصلحة العامة؟ أو بمسؤولٍ يرى المنصب مغنماً لا مسؤولية؟

لقد حان الوقت لاعتماد معايير واضحة في الاختيار: خبرةٌ مثبتة، ونزاهةٌ مشهودٌ بها، ورؤيةٌ استراتيجية تضع مستقبل الأردن فوق كل جدل. فالحكومة ليست نوادٍ مغلقةً للوجوه المتكررة، بل يجب أن تكون حاضنةً لأفضل العقول، بغض النظر عن الانتماءات أو المحسوبيات. لنبحث عن الوزير الذي يعرف أن موعد عمله الحقيقي يبدأ عند طوابير الفقراء، لا في قاعات الاستقبال الفاخرة، والذي يرى في البيانات المالية للدولة أمانةً لا مساحةً للمناورة.

إن التاريخ لن يرحم من يستخدم المنصب العام لبناء إمبراطوريته الشخصية، بينما الأوطان تُبنى برجالٍ يرفضون أن يناموا بينما ملفات الوطن على مكاتبهم تنتظر الحلول. فلنكن واضحين: التعديل الناجح هو الذي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حتى لو خالف ذلك كل التوقعات، لأن المعادلة بسيطة: وزراء بلا مصداقية شعب بلا ثقة، وثقة الشعب هي رأس المال الحقيقي لأي حكومة.

الوطن اليوم كالجسد النابض بالحياة، قادر على النمو والتجدد بفضل جهود أبنائه وإرادتهم. لدينا فرصٌ كبيرة لتعزيز التجارة وفتح آفاق جديدة للاقتصاد، من خلال سياسات مدروسة وخطى ثابتة. الأزمات قد تكون محفزًا للإبداع والتطوير، وفرصة لإعادة تقييم الخطط وتبني أفكار مبتكرة تدفع عجلة التقدم. فلننظر حولنا إلى الفرص الواعدة، ونعمل معًا لبناء تحالفات تعزز مكانة الأردن كمركزٍ للتجارة والصناعة. المطلوب هو تضافر الجهود بين القيادات الكفؤة وأبناء الوطن لتحقيق الإنجازات ومواكبة التحديات بروح التحدي والإصرار.

أما المواطن، ذلك الرجل الذي يحمل هموم الدنيا على ظهره، ما يحتاج إلى أكثر من كلمةٍ تُقال في المؤتمرات. إنه يريد أن يرى الحكومة تسير بجواره، لا فوقه، تسمع أنينه قبل صراخها، وتلمس جراحه قبل أن تضع عليها البلسان. التعديل الوزاري ليس لعبة كراسي موسيقية، بل هو ميثاقٌ جديد وعهدٌ يُكتب بمداد الأمل والجدية.

ولا ننسى أن المستقبل يُبنى بأيدي أبنائه، فالتعليم هو حجر الأساس، والتدريب المهني هو السلاح الذي يجب أن يتسلح به الشباب. فلنستثمر في العقول كما نستثمر في الحجر، ولنجعل من المدارس والمعاهد والجامعات مناراتٍ تُضيء طريق الابتكار. فالشباب ليسوا أوعيةً تُملأ بالشهادات، بل شعلاتٌ قادرةٌ على إشعال نهضة الأمة.

يا دولة الرئيس إن الوطن على مفترق طرق: إما أن نبقى ننتظر غداً لا يأتي مستعينناً بالقول "أجمل أيامنا لم تأت بعد"، أو نصنع نحن هذا الغد بأيدينا. التعديل الوزاري ليس رفاهية، بل ضرورةٌ كالماء والهواء. فلتكن هذه اللحظة الفاصلة بدايةً لعهدٍ جديد، يُمسح فيه عن جبين الوطن غبار اليأس، ويعود الأردن كما عهدناه: واحة أمان، وقلعة صمود، وشمساً تشرق على كل أبنائه بالخير والعدل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :