facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بعد الشهادة: كيف يصنع التعلم المستمر مستقبل الأردنيين؟


د. أميرة يوسف ظاهر
17-05-2025 12:50 PM

في زمن تتسارع فيه التحولات التكنولوجية والاقتصادية بشكل غير مسبوق، لم يعد التعليم ترفا مرحليا ينتهي بالحصول على شهادة، وإنما أصبح نمط حياة متجدد لا غنى عنه للفرد والمجتمع معا، ففي الأردن كما في سائر دول العالم، يشهد مفهوم التعليم تحولا جذريا يتجاوز أسوار المدرسة والجامعة، ليصبح مشروعا مستمرا لصناعة الإنسان، لا فقط تأهيل الموظف. لقد تغير السؤال من "ماذا تعلمت؟" إلى "كيف تتعلم اليوم؟ وكيف تطور نفسك غداً؟"، وهو سؤال يرتبط ارتباطا وثيقا بقدرتنا على مواكبة العالم وصناعة مكان لنا فيه.

لطالما هيمن على العقل الجمعي الأردني أن النجاح مرتبط بالحصول على الشهادة الجامعية، باعتبارها بوابة الوظيفة والاستقرار، لكن الواقع أثبت أن الشهادة وحدها لم تعد كافية، إذ أن سوق العمل يشهد تحولات جذرية، حيث تقاس الكفاءة اليوم بالمرونة الذهنية والقدرة على التعلم الذاتي وحل المشكلات والتكيف مع المستجدات، لا بمجرد حفظ المعلومة، إن التحدي الحقيقي الذي يواجه النظام التعليمي الأردني لا يكمن فقط في تحديث المناهج، بل في زرع ثقافة التعلم مدى الحياة، وتحويل المعلم من ناقل للمعرفة إلى محفز للفضول، وبناء عقلية ناقدة عند الطلبة ترى في المعلومة نقطة انطلاق لا نهاية مسار.

لم يعد بالإمكان الفصل بين التعليم والتكنولوجيا، ففي الوقت الذي توفر فيه المنصات التعليمية المفتوحة مناهج عالمية بضغطة زر، وتتيح الدورات الافتراضية لكل أردني أن يصنع مساره الخاص، يتوجب علينا إعادة تعريف المدرسة ليس كمكان لتلقي الدروس، بل كمختبر للحياة ومجال لتجربة الأفكار وتحفيز المبادرة، فالتجربة الأردنية رغم التحديات تحمل مؤشرات واعدة من خلال منصات مثل "درسك" و"إدراك"، ومبادرات الجامعات التقنية التي تسعى لربط التعليم بالواقع، وتحفيز الشباب على التفكير النقدي والإنتاج المعرفي.

لكن التعليم المتجدد لا يقف عند حدود التكنولوجيا وإنما يتجاوزها ليصبح أداة لتحرير الإنسان من التبعية الثقافية والاقتصادية، فمن يتعلم ليستعد لوظيفة قد يتوقف عند حدود ما هو مطلوب منه؛ أما من يتعلم ليحيا حياة أفضل فإنه يصنع ذاته ومجتمعه معا. وهذا يتطلب إعادة الاعتبار للقراءة كعادة يومية، وللتأمل كأداة لفهم العالم، وللخطأ كفرصة للتعلم، بعيدا عن منطق العقاب أو الخوف من الفشل، فالتعلم المتجدد ليس مجرد استجابة للتغيرات بل هو وعي سابق للتغيير واستعداد دائم له.

يمتلك الأردن اليوم طاقات شبابية كبيرة، وبنية تحتية رقمية قابلة للتطوير، ونظاما تعليميا بحاجة إلى جرأة في التغيير أكثر من حاجته إلى موارد جديدة، إن تحويل الأردن إلى مركز إقليمي للتعليم المتجدد ليس حلما مستحيلا بل خيارا استراتيجيا يحتاج إلى إرادة واضحة، ورؤية وطنية تؤمن بأن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الإنسان، ومن يظن أن التعلم ينتهي بالتخرج يعيش خارج سياق زمنه، فالتعليم لم يعد نظاما مغلقا بل ثقافة مفتوحة لا تصنع الشهادة وحدها، بل يصنعها الإيمان بأن كل لحظة في الحياة يمكن أن تكون درسا جديدا إذا أُحسن فهمها واستثمارها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :