من أوائل من سكن مدينة الزرقاء هروباً من حروب السفر برلك وايضاً مع وصول الخط الحديدي الحجازي اليها في بداية القرن الماضي، احترفوا التجارة عندما كانوا في الشاغور والميدان وركن الدين وغيرها من احياء دمشق القديمة وعندما وصلوا الزرقاء بقوا متمسكين بكارهم فأصبحوا عصب الحياة التجارية والاقتصادية في الزرقاء وواكبوا تطورها ونموها حتى اصبحت مدينة التجارة والصناعة الاردنية بتعداد يزيد عن 1.5 مليون نسمة وكان منازلهم مع اسواقهم في الوسط التجاري وكان جامعهم الخاص الذي بنوه وسمي جامع الشوام وهو حالياً مسجد عمر بن الخطاب من اكبر واقدم مساجد الزرقاء ، أحبوا الزرقاء وكان الانتماء لثرى للوطن والولاء لقيادته الهاشمية هو عنوان عطائهم للزرقاء وللوطن فأحبهم سكان مدينتهم لأمانتهم في التجارة حين كانت "الكلمة " تغني عن الف وصل مادي وكمبيالة .
ابراهيم تقي الدين شهبندر تجار الزرقاء كان من مؤسسي غرفة تجارة الزرقاء عام 1958م ، حيث ترأس أول مجلسها ، وما زالت اسواقهم في الزرقاء ومحلاتهم تحمل اسماء عوائلهم الكريمة فهنا سوق تقي الدين وهناك سوق البغال وقريباً منه محل بولاد التجاري ، زرتهم في جمعيتهم التي تجمعهم ويخدمون الزرقاء واهلها من خلالها وهي جمعية الثقافة الاسلامية الخيرية التي تعتبر من اوائل الجمعيات في الزرقاء بعمرها الذي يقارب 60عاماً ، ألتقيت مع السيد عمار تقي الدين رئيس الجمعية وحدثني عن نشاطات الجمعية في رعاية الايتام وعمل الخير والمساهمة بتنشيط الحركة الثقافية في الزرقاء ، خدمة الزرقاء هي منطلق العمل وهو هدفه ايضاً هكذا اخبرني مضيفي ابو احمد بعزم وثقة.
من اجمل ما سمعته خلال زيارتي "انا من الزرقاء" ، فهذه العبارة نادراً ما تسمعها من انسان زرقاوي، فالجميع وان سكن وعاش في الزرقاء لعشرات السنيين لا يقول ذلك بل يشير الى جهة مقدم عائلته للزرقاء ، والزرقاء تستحق ان ننتمي اليها بمجتمعها المتجانس المنوع الذي يزيدها غنى في جماله هكذا أشار العم ابو ايمن العبسة وهو يحدثني عن ذكريات الزرقاء القديمة وترابط ومحبة سكانها ، فالتنوع كما يرى قوة وجمال بلا شك .
جميلة هي الزرقاء وجميلة هي بأسواقها وشوارعها وحاراتها وجميلة ايضاً بمجتمعها الذي يجعلها أردن مصغر بتنوعه ، فمن سكن الزرقاء وعمل بها يحمل الذكريات الاجمل في حياته ، ومن هنا فهي تنتظر من ابنائها العزم والصدق في خدمتها اليها لتكون بالمكانة التي تستحقها بتنوعها المجتمع والتراثي والسياحي والثقافي .