facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القادم لا يرحم .. فهل تستعجل الحكومة بناءَ طواحين الهواء؟!


محمود الدباس - أبو الليث
19-05-2025 09:33 PM

ونحن نناظر الأحداث المتسارعة.. وفي ظل التحولات الكبرى.. التي تشهدها المنطقة والعالم.. لم يعد هناك ترف الانتظار.. أو الاكتفاء بردّات الفعل.. فالعالم لا يعبأ بمن يقف على الرصيف يتأمل المشهد.. بل ينصت جيداً لمن يشارك في تشكيله.. ومنطقتنا اليوم.. على أعتاب إعادة توزيع للأدوار.. والنفوذ.. والثروات.. والمدقق بعمقِ في زيارة الرئيس ترامب للمنطقة.. سيجد أنها تمثل لحظة مفصلية.. ليس لأنها مجرد زيارة بروتوكولية.. بل لأنها حملت بين طيّاتها ملامح النظام القادم.. وتحالفاته.. واصطفافاته الاقتصادية الجديدة..

الأردن ليس دولة هامشية في هذا المشهد.. ولم يكن كذلك يوماً.. فهو يتموضع بين أكثر من مفترق إستراتيجي.. جغرافياً.. وسياسياً.. وتاريخياً.. وما يمتلكه من استقرار نسبي.. وشعباً يمتلك من العقل والدراية والاتقان الشيء الكثير.. وقيادة تمتلك عقلاً متزناً.. وبوصلة دقيقة تجاه العالم.. يجعله أكثر من مؤهَل ليكون لاعباً أساسياً.. لا مجرد تابع.. أو ممر..

لكن اللعب في هذه الساحات.. لا يكون بالشعارات.. ولا بالاستهلاك المحلي.. بل بالجاهزية التامة على مستوى الرؤية.. والخطاب.. وأدوات التفاوض.. ولا بد أن يسبق هذا كله.. مراجعة داخلية شجاعة.. وقرارات جذرية تحرر الدولة من قبضة الشعبويات.. وتقطع الحبل مع العقلية البيروقراطية المتكلسة.. وتفسح الطريق أمام نخب قادرة على قراءة المتغيرات.. لا مجرد ترجمتها..

أي تعديل وزاري قادم.. يجب ألا يكون مجرد تدوير للكراسي.. ولا مكافأة لصدى الأصوات العالية.. بل يجب أن يكون خطوة متقدمة.. نحو تشكيل فريق دولة حقيقي.. يمتلك معرفة عميقة بالتحولات العالمية.. وبما يُحضّر للمنطقة من مشاريع عملاقة.. وتحالفات جديدة عنوانها الاقتصاد.. والمصالح.. لا الأيديولوجيا.. ولا الخطابة..

إن مَن يراقب كيف تتحرك القوى الكبرى في ملفات الطاقة.. والرقمنة.. وسلاسل الإمداد.. والتكنولوجيا الخضراء.. سيدرك أن المنطقة أصبحت مطمعاً ومطية في آنٍ معاً.. فإما أن نكون طرفاً فاعلاً في صياغة هذه المشاريع.. أو سنبقى نعاني من نتائجها دون أن نمسّ أسبابها.. والاختيار هنا ليس ترفاً.. بل قرار وجودي..

لدينا في الأردن من الكفاءات.. ما يؤهلنا لدخول هذه الدائرة باقتدار.. لكن هذه الكفاءات.. يجب أن تُستدعى من الظل إلى الضوء.. وأن تُمنح المساحة لتقول وتفعل.. فزمن الصوت الواحد.. والرأي الواحد انتهى.. والعالم اليوم.. لا يُصغي لمن يردد ما يُملى عليه.. بل لمن يفاوض.. ويقايض.. ويعرف متى يلوّح.. ومتى يبتسم..

المطلوب ليس فقط الاستعداد للتغيير.. بل الإيمان بأننا نستحق موقعاً متقدماً.. وأن الجغرافيا ليست قدراً.. بل أداة.. وأن الاستقرار ليس نهاية الطموح.. بل بدايته.. والمطلوب قبل كل شيء.. أن نملك الشجاعة لنقول لأنفسنا.. إننا تأخرنا.. لكن لا زال أمامنا وقت إن أحسنا استثماره..

نحتاج إلى خلية تفكير وطنية.. لا حزبية.. ولا شعبوية.. خلية تضم مَن يعرف كيف يفكر العالم.. وكيف يُبنى الاقتصاد الحديث.. ومَن يمتلك شبكة علاقات دولية.. ويُتقن لغات المصالح.. لا شعارات الأماني.. هؤلاء هم مَن نحتاجهم في الصفوف الأمامية.. لا فقط مَن يتقنون فنّ الظهور الإعلامي.. أو الترويج المحلي..

الفرص التي تلوح في الأفق.. لا تُمنح.. بل تُنتزع.. ولا تُلتقط بالتصفيق.. بل تُصنع بالتخطيط.. وهنا نعود للمثل الصيني الذي يجب أن يكون شعار المرحلة.. "إذا هبّت الرياح.. لا تبني سوراً لصدها.. بل ابنِ طواحين هواء".. وإن لم نفعل ذلك الآن.. فقد نكون ممن يبني السور.. ويجلس خلفه.. يراقب الطاحونة وهي تدور في مكان آخر.. وعلى أرض أخرى..

المنطقة تتشكل من جديد.. والحصة ليست لمن يصرخ أكثر.. بل لمن يخطط أفضل.. فهل نمتلك الشجاعة.. لنكون في صدارة مَن يخطط؟!.. أم سنكتفي مرة أخرى بالفرجة؟!..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :