الأردن قيادة وحكومة وشعباً مع سوريا في وجه كل التحديات
السفير الدكتور موفق العجلوني
21-05-2025 09:13 AM
تشكل زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيد أيمن الصفدي، إلى العاصمة السورية دمشق حاملاً رسالة ملكية سامية الى الرئيس السوري أحمد الشرع، محطة مفصلية في مسار العلاقات الأردنية–السورية، ورسالة سياسية واضحة تعكس تحوّلًا مدروسًا في ديناميكيات المنطقة. جاءت هذه الزيارة تأكيدًا على عمق الروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين، وتجسيدًا لتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني في العمل على تعزيز التعاون العربي، ودعم سوريا في استعادة أمنها واستقرارها ووحدتها.
بنفس الوقت تأتي هذه الزيارة في ظل تحولات إقليمية ودولية لافتة، أبرزها تخفيف العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، حملت بين طياتها مضامين سياسية وأمنية وإنسانية عميقة، وأعادت التأكيد على ثوابت المملكة تجاه سوريا الشقيقة كدولة، وكشعب، وكجار. هذا اللقاء يعيد التأكيد على أن الأردن وسوريا ليسا مجرد بلدين متجاورين، بل شعبان شقيقان يرتبطان بجذور عميقة وتاريخ مشترك ومصير متداخل. وبينما تبدأ سوريا في تجاوز عزلتها الدولية، فإن الأردن سيكون حاضرًا وشريكًا حقيقيًا في إعادة بنائها، أمنًا وإنماءً وإنسانًا.
لقد أعاد معالي الوزير الصفدي والوفد المرافق له خلال لقائه المسؤولين السوريين وعلى رأسهم وزير الخارجية السوري السيد أسعد الشيباني، التأكيد على موقف الأردن المبدئي المتمثل بدعم سوريا موحدة، وآمنة، ومستقرة، وذات سيادة على كل أراضيها، وعلى أن استقرار سوريا ليس فقط مصلحة أردنية، بل ضرورة إقليمية لا يمكن تجاهلها. لم يكن الأردن يومًا طرفًا في مشروع تقسيم أو عزل سوريا، بل بقي صوتًا متزنًا، حذرًا، حريصًا على أن تكون الحلول للأزمة السورية نابعة من الداخل السوري، وضمن مظلة توافقية عربية ودولية.
ومن زاوية إنسانية، لم يغفل الصفدي الإشارة إلى ما يعتبره الأردنيون من بديهيات السياسة والأخلاق: استقبال الأشقاء السوريين منذ اللحظة الأولى للأزمة، واعتبارهم ضيوفًا في بلدهم الثاني، لا لاجئين. فقد احتضن الأردن على مدار سنوات الأزمة ما يزيد عن مليون و نصف مواطن سوري، وقدم لهم ما استطاع من خدمات صحية وتعليمية ومعيشية، رغم ما تواجهه المملكة من تحديات اقتصادية متراكمة. هذا ليس فضلًا، كما يكرر المسؤولون الأردنيون، بل التزام قومي وأخلاقي تجاه أشقاء تقطعت بهم سبل العودة.
ولعل البعد السياسي الأبرز في هذه الزيارة، يتمثل في رفض الأردن الصريح والمباشر للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية. ولم يكتف الوزير الصفدي بالإدانة، بل دعا إلى تحرك عربي مشترك يضع حدًا لهذه الانتهاكات، ويعيد الاعتبار للموقف العربي الداعم للسيادة السورية. هذه الرسالة تأتي في وقت حساس، تشهد فيه المنطقة تصاعدًا غير مسبوق في حدة الاستهداف الإسرائيلي لعدة جبهات، وفي مقدمتها سوريا.
من جانب آخر، لا يمكن تجاهل أهمية زيارة الوزير الصفدي والوفد المرافق في ضوء التحولات الإقليمية الجارية، وعلى رأسها رفع العقوبات الغربية عن دمشق، ما يفتح المجال أمام عودة تدريجية لسوريا إلى المحيط العربي والدولي. وفي هذا الإطار، يبدو أن الأردن يسعى – لا كوسيط فقط – بل كداعم حقيقي لعودة سوريا إلى دورها الطبيعي في الجامعة العربية، والمساهمة الفاعلة في ملفات الأمن الإقليمي، ومشاريع إعادة الإعمار الاقتصادي.
الرؤية الأردنية، كما عبر عنها الوزير الصفدي، تنطلق من مبدأ أن الأمن لا يتجزأ، وأن الحوار السياسي هو السبيل الوحيد لحلول دائمة. من هنا، تبرز أهمية تأسيس مجلس تنسيقي أردني–سوري، يشمل قطاعات حيوية كالتجارة، الطاقة، الأمن، الزراعة، والنقل، كأداة لتفعيل التعاون، وإخراجه من إطار التصريحات إلى التنفيذ العملي.
في المجمل، لم تكن زيارة الوزير الصفدي والوفد الموافق إلى دمشق مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل خطوة مدروسة تحمل رسائل سياسية واضحة. وأن المملكة لم تتغير في موقفها من سوريا، وأن مستقبل العلاقات الأردنية–السورية سيكون أكثر تماسكًا وتعاونًا، في مواجهة التحديات المشتركة، من الإرهاب إلى التهريب إلى الاعتداءات الخارجية، وصولًا إلى إعادة بناء البيت العربي من الداخل.
وتشكل هذه الزيارة وهذا اللقاء الذي جمع معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين السيد ايمن الصفدي أيمن الصفدي ونظيره السوري السيد أحمد الشيباني ، بحضور الوفدين الرسميين من كلا البلدين، محطة استراتيجية مفصلية في مسار العلاقات الثنائية بين الأردن وسوريا، ويأتي في توقيت دقيق وحساس، مع بدء مرحلة جديدة من الانفتاح العربي والدولي تجاه دمشق، ورفع العقوبات المفروضة عليها.
يبقى الرهان اليوم على أن تلتقط العواصم العربية والإقليمية والدولية هذه الإشارات الأردنية، لا كمجرد تحرك دبلوماسي، بل كدعوة عملية للبدء في ترميم ما تهدم، وترسيخ الشراكات بدلًا من الصراعات.
و انا شخصياً اعرف سورياً جيداً عشت فيها احلى أيام الدراسة الجامعية و تخرجت من جامعة دمشق عام ١٩٨٠ ، و تابعت ملفاتها أثناء ترأسي إدارة الشؤن العربية والشرق أوسطية في وزارة الخارجية و عضويتي في اللجان المشتركة واللجان العليا الأردنية السورية و لجنة ترسيم الحدود ، متفائل جداً ان سوريا ستعود الى أيام عزها والقها بفضل السواعد الابية لأبنائها من شمالها لجنوبها و من شرقها الى غربها و سوف تضم العاصمة دمشق كل أبنائها من مختلف مشاربهم و عقائدهم و تجمعهم سوريا الموحدة سوريا العروبة سوريا الامن والأمان ، سوريا الوحدة و الحرية والحياة الأفضل .
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية.
muwaffaq@ajlouni.me