عيد الاستقلال الـ 79 للمملكة الأردنية الهاشمية
د. بركات النمر العبادي
22-05-2025 10:10 AM
يُعد عيد الاستقلال الأردني الذي يُحتفل به في 25أيار/مايو من كل عام مناسبة وطنية عظيمة تجسّد استعادة السيادة الوطنية ، وتُحيي ذكرى خروج آخر جندي أجنبي من أرض الوطن عام 1946، هذا اليوم ليس فقط استذكارًا للتاريخ ، بل أيضًا فرصة للتأمل في معاني السيادة والحرية ، وفي مسؤوليتنا المشتركة في صون هذا المنجز العظيم (الاستقلال ) .
في عيد الاستقلال الأردني، لا نكتفي بالاحتفال برفع الرايات وترديد الأناشيد ، بل نُجدد العهد بأن نكون أوفياء لهذا الوطن الغالي، الذي ارتوى بتضحيات الملوك العظام ، وعرق الجنود الأبطال ، وصبر الشعب العظيم.
لقد بنى الأردنيون دولتهم على أسس راسخة من الكرامة والعروبة والاعتدال ، فصار الأردن قلعة صامدة وسط العواصف ، وصوتًا للحكمة في عالم مضطرب ، ولكن... الاستقلال لا يُقاس فقط بالتحرر من الاستعمار، بل بقدرتنا على حماية مكتسباتنا ، وتحصين هويتنا، ومواجهة كل خطر يهدد سيادتنا على ارضنا ، فلنكن نحن الجيل الذي لا يخذل الوطن، الذي يحمله في قلبه وعقله، ويصونه بالفعل لا بالقول فقط ، ولنتذكر دومًا: "الوطن ليس لمن يعيش فيه، بل لمن يفتديه ويُعليه ويرفع رايته فوق كل الرايات ويخدمه بصدق."
والاستقلال يعني السيادة التامة على الأرض والقرار السياسي والاقتصادي ، ومن هنا تنبع اهمية الاحتفال بعيد الاستقلال ، وقد تمكّن الأردن بفضل الاستقلال من: - بناء مؤسسات وطنية مستقلة مثل البرلمان والقضاء ، - اطلاق مشاريع تنموية في الصحة والتعليم والبنية التحتية ، - حماية القرار الوطني من التدخلات الخارجية ، و من فوائد الاستقلال ايضا بناء الأمن القومي: فالاستقلال يضع أسسًا لبناء جيش وطني قادر على حماية الحدود و يحفظ الامن الداخلي ، ويرسّخ الانتماء والاعتزاز بالوطن و الهوية الوطنية ، كما ان الاستقلال يسهم في إنشاء نظام اقتصادي مستقل ومتنوع ، ويمكّن الدولة من التعبير عن مواقفها والدفاع عن مصالحها في المحافل الدولية .
الاستقلال، رغم عظمته، ليس منجزًا نهائيًا بل مسؤولية مستمرة ، وهناك تحديات حقيقية قد تهدده : فالإعتماد على المساعدات الخارجية قد يقلّل من حرية القرار ، وكذلك الاختراق الإعلامي والفكري ومحاولات زعزعة الهوية الوطنية، و الهجمات السيبرانية واي تهديد أمني جديد يستهدف البنى التحتية ، يمكن ان تهدد الاستقلال ، وكذلك الضغوط الجيوسياسية و التي قد تفرض تحديات على استقلال القرار الوطني ، كل ذلك يشكل تحديات و تهديدات للاستقلال .
ولعله من اللازم معرفة كيف نحافظ على الاستقلال من هذه التحديات و غيرها؟ ، و يمكن ان يلعب تعزيز التعليم الوطني ونشر ثقافة المواطنة والانتماء اهم عاملا للمحافظة على روح الاستقلال في نفوس المواطنين و كذلك احياء جذوة المواطنة مشتعلة واذكاء روح الشراكة الوطنية دائما ، والاعتماد على الذات اقتصاديًا ودعم المنتجات الوطنية والابتكار، و العمل على التمكين السياسي للشباب بالمشاركة في الحياة السياسية الذي يحمي الاستقلال، كما يلعب التحصين الثقافي والإعلامي وكذلك مواجهة الفكر المتطرف والإشاعات المغرضة ، اذاً الاستقلال مسؤولية مستمرة تتطلب وعيًا، و عملًا، وتكاتفًا من الجميع، والحفاظ على منعة الوطن يبدأ من كل فرد فينا، من المواطن البسيط إلى صانع القرار، فلنحتفل بعيد الاستقلال الأردني بروح الانتماء والفخر، ولنُجدّد العهد على حماية هذا الوطن الغالي بكل ما أوتينا من علم ووعي وحُب .
أما عن منجزات الملوك الأردنيين في ترسيخ الاستقلال و المحافظة عليه ، فمنذ إعلان الاستقلال، لعب الملوك الهاشميون دورًا أساسيًا في بناء الدولة الأردنية الحديثة وتعزيز سيادتها وهيبتها ، فقد قام الملك عبدالله الأول (المؤسس) ، بأعلن الاستقلال عام 1946 ، وتأسيس أولى مؤسسات الدولة الأردنية (الجيش، الحكومة، البرلمان)، كما انه وضع اللبنات الأولى لوحدة الوطن والهوية الأردنية ، ام الملك طلال طيب الله ثراه فانه قد و ضع دستور 1952 ، ثم ننتقل الى رحاب الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، الذي حافظ على استقلال الأردن في أصعب الظروف الإقليمية (نكسة 67، الحروب الإقليمية) ، كما انه قد قام بأطلاق مشاريع تعليمية وصحية ضخمة (جامعة الأردن، تطوير المستشفيات)، و دعم تحديث الجيش الأردني ليكون من أقوى الجيوش العربية ، ورسّخ مفهوم "الشرعية الدستورية" وأسس الحوار السياسي .
وقد ركز الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين سدد الله خطاه على التحديث والتكنولوجيا في جميع القطاعات ، كماعزّز العلاقات الدولية لحماية السيادة الأردنية على المستوى العالمي ، و أطلق رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي 2025 ، وقد دعم الجيش بكل الإمكانيات ليكون "جيشًا محترفًا وأمنياً قويًا" بمستوى عالمي.
أما منجزات الجنود الأردنيين: حماة الوطن والاستقلال ، الجيش العربي الأردني هو درع الوطن وسيفه ، ومن يوم الاستقلال وهو يقف وقفة عز لحماية الوطن وأمنه، ونستذكر بكل فخر معركة الكرامه الخالدة، و هو أول انتصار عربي عسكري حقيقي بعد نكسة 1967، وأثبت فيها الجندي الأردني أنه نشمي "أسد إذا غضب". ، وكذلك حماية الحدود من الإرهاب والتهريب وكذلك الجهود الأمنية الاستباقية التي تحمي الاستقلال بشكل مباشر ، والمشاركات الدولية لقوات حفظ السلام فالجندي الأردني يمثل هيبة الأردن في الخارج ، وينشر قيم السلام ، كما ان الا جهزة الأمنية تتعامل بذكاء مع التحديات الحديثة مثل الجرائم السيبرانية والمخدرات.
الاستقلال تاريخ طويل من التضحيات، الرؤية، والحكمة، ونستذكر ملوك ابطال قادوا المسيرة، وجنود اشاوس حموا الأرض وحافظوا على الاستقلال و شعب اردني صابر على مجريات ومتطلبات العصر والتناقضات التي خلقتها ظروف الاقليم ، واليوم مسؤوليتنا نحن اكمال المشوار بالعلم ، الوعي، والعمل ،فالاستقلال مسؤوليتنا جميعًا ،ولا نكتفي بالاحتفال برفع الرايات وترديد الأناشيد ، بل نُجدد العهد بأن نكون أوفياء لهذا الوطن الغالي، الذي ارتوى بتضحيات الملوك العظام، وعرق الجنود الأبطال، وصبر الشعب العظيم.
لقد بنى الأردنيون دولتهم على أسس راسخة من العقيدة السمحة والكرامة والقيم العربية والاعتدال ، فصار الأردن قلعة صامدة وسط العواصف، وصوتًا للحكمة في عالم مضطرب. ولكن... الاستقلال لا يُقاس فقط بالتحرر من الاستعمار، بل بقدرتنا على حماية مكتسباتنا، وتحصين هويتنا، ومواجهة كل خطر يهدد سيادتنا، اذاً فلنكن نحن الجيل الذي لا يخذل الوطن، والذي يحمله في قلبه وعقله ، ويصونه بالفعل لا بالقول فقط ، ولنتذكر دومًا :" الوطن ليس لمن يعيش فيه، بل لمن يفتديه ويُعلي رايته فوق كل رايات الحياه ، فالاردن فوق القبيلة و العشيرة و العائله ، كما انه اكبر من المناطقية و الطائفة ، والحزب و التكيه ، فالاردن الوطن هوالبوتقة التي ينصهر فيها جميع من فيه الحكام و المحكومين و السابقون و اللحقون ، فالاردن ليس مكان للسكن فقط ، بل هوماض عريق وحاضر تليد و مستقبل مجيد فلارن لم يعد بعد اليوم حقيبة سفر او محطة عبور لمن رغب ، بل هومحراب مقدس للعابدين وسبيل للمجاهدين ، بل ارضا للبعث بعد الموت يروى نوارها بطاهر النجيع .
كل عام والأردن حرٌ أبيٌ شامخ... وعيد استقلال مجيد لكل من عشق تراب هذا الوطن، و الفاتحة الى تلك الارواح الزكية التي ضحت في سبيل هذا الوطن .
حمى الله الاردن وسدد على طريق الحق خطاه .