بين الرعاية الهاشمية وعطاء المعلم: شراكةٌ تبني المستقبل
د. محمد خالد العزام
02-06-2025 02:20 PM
في أرض الأردن، حيث ينهض النور من بين صفحات العلم، وحيث تُرسم ملامح الغد بحروف العزم، يقف المعلمون شامخين، كأعمدة لا تهتز، يحملون على أكتافهم أمانة لا يدرك عظمتها إلا من سبر أغوار المعرفة.
إنهم صنّاع الأجيال، بناة الفكر، ومهندسو النهضة، الذين لا يكتفون بغرس بذور العلم فحسب، بل يسقونها بعصارة قلوبهم، لتصبح أشجاراً وارفة الظلال في صرح الوطن.
وفي ظل القيادة الهاشمية الحكيمة، لم تكن قضية المعلم مجرد بندٍ يُطرح في الاجتماعات، ولا ملفاً يُدرَج ضمن السياسات، بل كانت جوهر المشروع الوطني، روح النهضة ولبنتها الأولى.
فمنذ فجر العهد، وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين يضع المعلم في قلب اهتماماته، راسماً المسار الذي يليق بمكانته، حيث يدرك أن رفعة الأمم لا تكون إلا برفعة معلميها، وأن تقدّم الدول يرتكز على أكتاف أولئك الذين يُشعلون شموع المعرفة.
ولأن العطاء يستحق الجزاء، فإن القيادة الملكية لم تدّخر جهداً في توفير سبل الدعم، لتكون حياة المعلم ليست مجرد رحلة شاقة، بل مسيرة محفوفة بالتقدير.
فالقرارات الجديدة التي إتخذتها الحكومة منها زيادة نسبة المكرمة، وتوسيع عدد مقاعد الحج، وصرف العديد من السلف ما هي إلا شواهد حيّة على الالتزام الراسخ تجاه هذه الفئة النبيلة، التي جعلت من التربية رسالةً تتجاوز حدود المهنة.
لكن التكريم لم يقف عند حدود الحوافز المالية فحسب، بل امتد ليشمل أفقاً أرحب، حيث أصبحت فكرة تمكين المعلمين واقعاً ملموساً، بدءاً من توفير قطع الأراضي والإسكانات في مختلف المحافظات، وصولاً إلى تقديم القروض الميسرة التي تجعل امتلاك السكن حلماً قابلاً للتحقيق، وليس مجرد أمنية بعيدة المنال.
إن هذه الخطوات لم تأتِ كمجرد مبادرات، بل كانت انعكاساً لرؤية ترى في استقرار المعلم استقراراً للوطن، وفي راحته ضماناً لاستمرار عطائه.
وحين تنظر القيادة الملكية إلى المعلم بعين الإجلال والتقدير، فإنها لا تراه مجرد ناقل للمعرفة، بل صانعاً للهوية، وحارساً على القيم، ومهندساً لمستقبلٍ أكثر إشراقاً. ولهذا، فإن الاهتمام المتواصل به ليس خياراً قابلاً للتفاوض، بل واجبٌ يفرضه المنطق قبل أن تفرضه السياسة. فالمعلم الذي يُكرَّم، هو ذاته المعلم الذي يُبدع، والذي يمنح الأجيال القادمة مفاتيح النجاح وسبل التميز.
إن الرؤية الملكية قد خطّت الطريق، ورسمت المنهج، وأشارت إلى البوصلة التي لا تنحرف عن وجهتها. ويبقى السؤال: هل تواصل السياسات الحكومية هذه المسيرة بنفس العزم، لتكون كل خطوة في هذا الاتجاه ليست مجرد استجابة، بل تأكيداً على أن المعلم سيظل دوماً محور النهضة وأساس البناء؟ الجواب يكمن في الأفعال، وفي استمرار النبض الذي يجعل من الوعود واقعاً لا يغيب عن المشهد الوطني.