facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كيف أصبحت معركتنا محصورة بين وجهين لعملة واحدة .. أم لا؟!


محمود الدباس - أبو الليث
13-06-2025 03:57 PM

في كل مرة يُشتد فيها الصراع بين قوتين كبيرتين.. نُدعى إلى الاصطفاف.. وكأننا طرف أصيل في المعركة.. لكن الحقيقة.. أن العرب كثيراً ما كانوا وقوداً لا شركاء.. وخياراتهم ليست في الانتصار.. بل في نوع الخسارة.. وبين مشاريع لا تشبههم.. وخرائط لا ترحمهم.. تُرسم أدوارهم بالغياب.. أكثر مما تُرسم بالحضور..

ففي عالم يفيض بالصراخ والضجيج السياسي.. قد يكون الصمت في بعض الأحيان.. أبلغ من الخطاب.. لكن في حالتنا العربية.. فإن الصمت بات جريمة تُقترف بحق الوعي.. لأن المشهد يتكرس فيه تضليل مركّب.. يلتقي فيه أعداء الأمس.. على طاولة الغد.. ليس حباً في بعضهم.. بل لاستثمار غيابنا عن المشهد..

هناك مَن يقول.. إن إيران والكيان ومن خلفه الحلف الأمريكي ليسوا خصوماً.. بل أضلاعاً في مثلث واحد.. ووجهان لعملة واحدة.. يجتمع على هدف مشترك.. هو إبقاء المنطقة في حالة اضطرابٍ مستمر.. وصناعة خطر دائم.. وخلق الحاجة إلى منقذ خارجي.. ولو بدا للوهلة الأولى.. أن بينهم دماً وباروداً..

ضربات إسرائيلية على قيادات من الحرس الثوري.. واغتيالات تطال علماء نوويين إيرانيين.. وقصف مدروس لأهداف في عمق إيران.. كل هذا يبدو كعداء.. لكنه لا يُترجم في العمق.. إلى معركة وجود.. بل إلى لعبة توازن مرعبة.. تُحرك مشاعر العرب.. للخوف من طهران.. فيبدو الكيان الإسرائيلي خياراً أقل خطراً.. وأمريكا هي الضامن الوحيد.. وهنا تبدأ القصة الحقيقية للسيطرة..

حين يُقتل قائد رفيع في الحرس الثوري.. وتغيب الردود الحاسمة.. يُبقي ذلك الفزاعة الإيرانية حية في أذهان العرب.. ويُغذّي فكرة.. أنها قاب قوسين من غزو الخليج.. أو محو دوله.. وحين يظهر الكيان الإسرائيلي كمن يردعها.. يصبح التعاون معها خياراً تفرضه الضرورة.. لا الخيانة.. ويُعاد رسم خارطة المنطقة بتقاسم النفوذ.. لا بتحريرها..

إيران لا تُخفي مشروعها.. فهي ترى أن الفراغ العربي.. يمنحها الشرعية لتتمدد.. وأن راية الممانعة.. تمنحها غطاءً شعبياً خارج حدودها.. لكنها لا تتقدم خطوة نحو القدس.. ولا تجرؤ على مواجهة تل أبيب بما تملك من صواريخ ومليشيات.. لأن وجود الكيان يخدمها في تثبيت رواية العدو الظاهر.. وتبرير بقائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن..

أما الكيان الإسرائيلي.. فهو يعرف.. أن تفكك العرب.. لا يكفي لبسط هيمنته.. بل يحتاج إلى خطر دائم.. يجعله شريكاً لا يمكن الاستغناء عنه.. فيُبقي إيران عدوًا تحت السيطرة.. ويضربها حين يحتاج إلى تعزيز الخوف.. لا إلى إنهاء الخطر.. ويغض الطرف عن تمددها أحياناً.. إن كانت النتيجة تحريك العرب نحو واشنطن وتل أبيب طلباً للحماية..

وأمريكا تلعب هذا المشهد ببراعة.. إذ تبيع الأسلحة لهذا.. وتحمي ذاك.. تهاجم بلسانٍ . وتفاوض بلسانٍ آخر.. وتستثمر في كل فزاعة.. لأنها تدرك أن المنطقة دون مشروع عربي.. ستظل ساحة نفوذ.. لا ساحة قرار..

هنا يظهر عمق الكارثة.. أننا كعرب.. لا نمتلك مشروعاً مضاداً.. لا مشروع نهضة.. ولا وحدة قرار.. ولا حتى رؤية استراتيجية.. تُحدد مَن هو العدو.. ومَن هو الخصم.. ومَن هو الشريك الممكن.. فنُضطر في كل مرة إلى الاختيار بين مشروعيْن.. لا يحملان لنا الخير.. فنكون دائماً على الرصيف.. نُصفق لهذا.. أو نستنجد بذاك..

حين يُرسم وعي الأمة بالخوف.. فإن كل الاحتلالات تتحول إلى إنقاذ.. وكل التطبيعات تصبح حِكمة.. وكل استسلام يبدو سياسة واقعية.. ويُعاد تعريف الرضوخ على أنه دهاء سياسي.. ويُمحى التاريخ من الذاكرة تحت عنوان الأمن والاستقرار..

في نهاية المطاف.. إيران والكيان قد لا يتفقان.. لكنهما يلتقيان في أن بقاء العربي دون مشروع.. هو فرصتهما الذهبية لفرض مشروعيهما.. ومَن لا يحمل مشروعه.. سيجد نفسه يوماً يدافع عن عدوه.. ضد أخيه..

فالخطر الحقيقي ليس في قوة الآخر.. بل في غيابك عن المشهد.. حين لا تكون لاعباً.. يُعاد رسمك كلاعب احتياط في خطط الآخرين.. وربما كوقود.. دون أن تدري..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :