عندما كنت صغيراً كان جدي رحمه الله يجلس في بيتنا تحت أشجار الصنوبر القديمة حيث كنا نستظل في أيام الصيف ونتعلم من حديثه دروساً لا تُنسى.. علمنا جدي أن الوطن لا يُباع ولا يُشترى بل يُحب ويُصان ويدافع عنه وقت الشدة لا وقت الرخاء
واليوم في زمن تتقاذف فيه الأوطان بين نار الحروب وضجيج الفتن يبقى الأردن شاهداً على معادلة نادرة في هذا الشرق المشتعل
وطن صغير المساحة عظيم الثبات قليل الموارد عظيم الرجال ثقيل التحديات عظيم في حفظ كرامته
نحن لا ننكر أوجاعنا ولا نغض الطرف عن صعوبة العيش في أيام أثقلت كاهل كل مواطن يبحث عن لقمة شريفة لأولاده لكننا في ذات الوقت لا نسمح أن يختطف حديث الوطن من تجار الشعارات أو من أصحاب الأصوات العالية التي تجهل حجم الخطر الذي يحاصرنا.
اليوم نعيش الحقيقة كما هي نعم نواجه الغلاء نعم نواجه البطالة نعم نحلم بأفضل مما نحن فيه لكننا نعيش في بلد يفتح فيه الأب باب بيته آخر الليل دون خوف يعود فيه أبنائنا من جامعاتهم بسلام يخرج فيه الطفل للعب في الحي دون أن يتلفت خلفه ويمشي فيه الرجل ليلاً حاملاً هم الرزق لا هم الروح .
هذا الأمان الذي نعيشه ليس من فراغ
وراءه ملك يحمل الوطن على كتفيه في كل محفل و ميدان
وراءه جيش لا يغفل له جفن وهو يحرس الحدود
وراءه أجهزة أمنية تعي حجم الأخطار في محيط مضطرب
وراءه شعب صابر يعرف أن الوطن ليس مشروع استثمار بل كرامة وجذور وتاريخ
عدونا ليس دائماً من يقاتلنا بسلاحه بل من يريد أن يقتل فينا الإيمان بوطننا من يشوه الإنجاز من يزرع بذور التشكيك من يريد أن نصحو كل صباح على فوضى لا على وطن
في الأردن لا نقول بأننا لا نخطئ لكننا لا نبيع أنفسنا في سوق المزايدات
لا نرتدي قناع الوطنية وقت الرفاهية ونرميه وقت الصعوبات
نحن من يبقى مع الوطن حين يشتد الخطب كما كنا وكما سنظل
هذه أرضنا…
هذه سماؤنا…
هذا ملكنا الذي حمل إرث الهاشميين و اجدادنا في زمن النار والدخان
وهذا جيشنا وأجهزتنا الذين وضعوا أرواحهم على حدودنا
وهذا شعبنا الذي قال دوماً
قد نعيش في الصعب لكننا لا نعيش إلا في وطننا
حمى الله الأردن
حمى الله مليكنا عبد الله الثاني ابن الحسين
حمى الله جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية
وحمى الله شعبنا الأصيل الذي يعرف أن الكرامة أثمن من أي شيء