قوة الردع الصاروخية الإيرانية .. هل تفرض قرار إنهاء الحرب؟
د. ثابت المومني
20-06-2025 01:16 PM
في ضوء الأحداث المتسارعة، تتكشف ملامح مرحلة جديدة من الصراع بين إيران والكيان المحتل، ربما ينعكس ذلك على الصراع العربي الاسرائيلي والوضع في غزه.
فقد بات واضحاً أن إسرائيل لن تخرج من هذه الحرب منتصرة، لا سياسياً ولا عسكرياً.
فكلما طالت الحرب، اتجهت الكفّة أكثر ضد إسرائيل، لأسباب استراتيجية ومجتمعية لا يمكن تجاوزها.
فمن جهة، الكيان المحتل لا يملك قدرة طويلة على تحمّل حرب استنزاف طويلة و مدمرة، خاصة مع صور الدمار التي بدأت تطال تل أبيب والمدن الحيوية الأخرى، مما يعيد إلى الأذهان مشاهد لم يعتد عليها المجتمع الإسرائيلي منذ قيام الدولة عام 1948.
هذا المجتمع، الذي يقوم في معظمه على المهاجرين من أوروبا وأمريكا، لا يمتلك النفس الطويل لتحمل حياة حرب وملاجئ ودمار.
ومن جهة أخرى، أثبتت الصواريخ الإيرانية من طراز "سجيل"، "خيبر"، و"خرمشهر" أنها لم تعد فقط رموزاً استعراضية ولا تلك الصواريخ الكرتونيه التي كنا نصفها بها قبل سنوات ، بل أصبحت أدوات ردع حقيقية تقلق إسرائيل ومن يقف خلفها.
هذه الصواريخ الثقيلة متعددة الرؤوس التفجيرية غيّرت قواعد الاشتباك وفرضت معادلة جديدة، فقد باتت تشكل كابوساً حقيقياً للمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
اليوم ومع مرور اكثر من اسبوع على بدايه الحرب، تبيّن الآن أن هذه القوة الصاروخية الإيرانية قلبت تماماً كل الحسابات الإسرائيلية والأمريكية التي بُنيت عليها مغامرة الهجوم على إيران.
فالهجوم الذي بدأ كمحاولة لضربة سريعة ومحدودة يتم فيها تدمير المنشات النوويه الايرانيه لينتهي الامر اليوم بتحول المعركة إلى حرب مفتوحة، كسرت ميزان الردع الإسرائيلي وأربكت الخطط الأمريكية.
في المقابل، نشهد اليوم استنجاداً علنياً من إسرائيل بالولايات المتحدة، في محاولة مكشوفة لجرّها إلى ساحة المعركة، ليس فقط لإنقاذ الموقف، بل لتوسيع نطاق الحرب وتدويلها.
لكن المفارقة هنا أن هذا الاستنجاد بادخال امريكا الحرب ، بات يشبه تماماً السيناريو الذي اقحمت اوكرانيا أمريكا وأوروبا دخول الحرب لتوريط روسيا في حرب استنزاف طويلة وهذا ما حدث فعلا.
فإسرائيل تحاول الآن أن تُسقط نفس السيناريو على إيران عبر حرب طويلة ومكلفة يتم جر امريكا فيها تدريجيا إلى مستنقع استنزاف استراتيجي جديد، ولكن هذه المرة في الشرق الأوسط.
الفارق الخطير بين الحالتين الاوكرانية والايرانيه أن إيران ليست أوكرانيا، فايران دولة تملك خبرة في الحروب وتملك قدرات صاروخية ودوائر نفوذ إقليمية، والأخطر أن الدعم الذي تتلقاه لم يعد سرياً، فقد وردت معلومات مؤكدة تفيد بأن الصين وروسيا تزودان إيران بأسلحة نوعية بطرق غير مباشرة، مع تحذير علني من روسيا لأي قصف أمريكي لمنشآت نووية إيرانية يعمل بها أكثر من 200 خبير روسي مما يُدخل المواجهة في دائرة الحذر النووي والتشابك الدولي الخطير.
كل هذه المعطيات تشير بوضوح إلى أن إسرائيل تتجه نحو خسارة الحرب، معنوياً وعملياً، وأن الولايات المتحدة تقترب من ورطة حقيقية في الشرق الأوسط، تماماً كما تورطت روسيا في أوكرانيا، لكن هذه المرة مع الفرس المدعومين من قوى كبرى تتوجس من اي فرصة انتصار حاسم لامريكا واسرائيل في هذه الحرب خشية ان تدور الدائرة عليهم تباعا.
خاتمة القول، أن اللعبة انقلبت، وأوراقها باتت مكشوفة.
ما كانت إسرائيل تخطط أن تفعله بإيران والقضاء على قوتها كقوة منافسه في الشرق الاوسط ، ها هي اليوم تقلب الطاولة من حيث لا تريد وربما لحلفائها من خلال جرها لحرب استنزاف مفتوحة، ذات كلفة بشرية واستراتيجية ضخمة اخشى ان يكون قرار انهائها يوما بيد الايرانيين وليس بيد امريكا واسرائيل.
فاذا كان قرار اشعال الحرب قرار اسرائيلي امريكي ، فهل سيكون قرار انهائها ايراني روسي صيني؟!.