facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تمسّكوا بالوهم واكفروا بالحقيقة .. فالتشخيص أصبح استكانة


محمود الدباس - أبو الليث
20-06-2025 07:32 PM

في لحظة من لحظات الانهيار الجماعي.. تجد مَن يرفض أن يرى.. ويريدك أن تغلق عينيك مثله.. بل يهاجمك إن حاولت أن تشير.. أو تحذر.. أو حتى تهمس بأن السفينة تمخرُ في غير اتجاهها.. يقول لك أحدهم.. لا تزرع اليأس.. ويقول آخر.. دعنا نحلم.. ونتمنى.. وكأن الحلم والتنمي يُصلح الواقع.. إن تُرك بلا يقظة.. وكأن الأمل وحده.. يكفي دون أن نُشخص المرض.. ونسميه باسمه.. ونضع مشرط العقل على مواضع الخلل.

لا يريدون أن يسمعوا.. أن أمتنا باتت لا تتبع هدىً.. ولا تملك خطة.. ولا تستنير بنور.. إلا ومضاتٍ من اجتهادات فردية.. تُطفئها منظومات الكسل والتواكل.. يريدون الحديث عن الفتوحات.. ونحن بالكاد نملك قوت يومنا.. يريدون الحديث عن النصر.. ونحن لا نحكم أنفسنا بلا إذن من خارج الحدود.. يريدون التبشير بالتمكين.. ونحن لا نملك قرار البدء.. ولا قرار الانتهاء.

هؤلاء لا يفرّقون بين النقد والاستكانة.. ولا بين التشخيص واليأس.. ولا بين الصدق وبين التحطيم.. يظنون أن مَن يشخّص الواقع فهو عديم الإيمان.. وأن مَن يصرخ في وجه التخلف.. فهو منبوذ..

إن الله عز وجل وعد بالنصر.. نعم.. لكن لمن؟!.. {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}.. والمؤمنون ليسوا مَن يُسمّون أنفسهم كذلك فحسب.. بل مَن توفرت فيهم شروط الإيمان.. قولاً وعملاً.. سراً وعلناً.. لا مَن أقام الصلاة وأكل الحرام.. ولا مَن صام النهار وسبّح بلسانه وهو يسرق بقلمه.. أو يتحايل بعقله.. لا مَن يدعو في خلوته ويظلم في وظيفته.

وفي الحديث الشريف.. حين شكى الصحابة قلة العدد وكثرة الأعداء.. قال لهم صلى الله عليه وسلم "ولكنكم غثاء كغثاء السيل".. فليس العبرة بالكثرة.. ولا بالشعارات الرنانة المدغدغة للعواطف.. بل بالصدق.. والاستقامة.. والعقل.. والرؤية.. والعمل المتصل بالسماء.. لكنه يمشي على الأرض.

التشخيص ليس تذمّراً.. وليس ترفاً فكرياً.. ولا نوعاً من جلد الذات كما يظن البعض.. بل هو أول الطريق للإصلاح.. فلا يُعالج المرض بلا اسم.. ولا تُبنى الأمم على التمني.. قال تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب.. مَن يعمل سوءاً يُجزَ به}.. فهل نعمل؟!.. أم نتمنى ونتغنّى؟!.

إن السكوت عن الواقع.. لا يزيدنا إلا بعداً عن الحق.. والصمت عن الخلل لا يغيّره.. بل يثبّته.. والتعامي عن التراجع.. لا يوقف السقوط.. بل يسرّعه.. وصدق القائل "ما سقطت أمة.. إلا بعدما أصبحت تصف مَن ينبهها بأنه سلبي.. وتصف مَن يغريها بالسراب بأنه مبشّر".

كفانا تجميلاً للواقع.. وكفانا معارك ضد مَن يشخّص.. فنحن لا نحتاج لمن يضع على جرح الأمة لاصقاً وردياً برّاقاً.. بل نحتاج إلى مَن يضع عليه مرّ الحقيقة.. وحرارة الصدمة.. لنبدأ العلاج.. ونصل إلى شاطئ النجاة.

فالخَطبُ لا يُلقى لتنويم القلوب.. بل لإيقاظها.. والكتابة لا تُكتب لتدغدغ المشاعر.. بل لتوقظ الفكر.. والآيات لا تُتلى فقط للبركة.. بل للهداية والتفكر.. والهداية لا تأتي بالهروب من الواقع.. بل بمواجهته.. وتسمية أوجاعنا بأسمائها.. لا بأحلامنا.

أفيقوا.. فإن المعركة القادمة.. ليست فقط على الأرض.. بل على المعاني.. على العقول.. على الوعي.. فإن خسرنا هناك.. لن يفيدنا لا الدعاء.. ولا الأمل.. لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :