facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أنت أكثر من مسمى وظيفي


د. أميرة يوسف ظاهر
21-06-2025 12:49 AM

في زمن تتغير فيه المعايير وتختزل فيه القيمة أحيانا بما يحمله الإنسان من مسمى وظيفي أو منصب إداري، بات من السهل أن يقاس قدر الفرد لا بأخلاقه ومواقفه، وإنما بما كتب على بطاقته التعريفية، كأن الكرسي الذي يجلس عليه أصبح يتحدث عنه أكثر مما تفعل سيرته، وكأن الصلاحيات تكتب الملامح لا المبادئ.

لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير فالإنسان في جوهره أكبر من منصب وأوسع من عنوان وظيفي؛ فالمهنة أيا كان مستواها لا تختصر من يكون ولا تعبر وحدها عن صدق نواياه أو عمق أثره، رأينا كثيرين جلسوا على مقاعد مرتفعة، لكنهم فقدوا بوصلة الضمير وتحولت مناصبهم إلى قشرة هشة تخفي خواء داخليا، إذ تغيب القيم وتحضر الألقاب فقط.

وفي المقابل نعرف وجوها بسيطة قد لا تتصدر المشهد لكنها تؤدي أعمالها بصمت وضمير حي، أشخاص يحملون أدواتهم كل صباح ليرفعوا بها قيمة العمل في عيوننا، لا يبحثون عن الكاميرات ولا ينتظرون تصفيقا، بل ينجزون المهام بإتقان، يروون الأرض بعرقهم ويتركون أثرا لا يرى بالعين، لكنه يحس في النفوس ويمنح العمل معناه الحقيقي.

في الأردن ونحن نواجه تحديات اقتصادية واجتماعية ليست بالهينة من بطالة مرتفعة خاصة بين الشباب، واحتياجات متزايدة لتطوير بيئة العمل، يصبح هذا الفهم لقيمة الفرد الحقيقي والالتزام الصادق أمرا أساسيا في مسيرة النهوض الوطني، فالألقاب والمناصب ليست وحدها ما يدفع عجلة التنمية ولكنه الإنسان الذي يتحلى بالمسؤولية ويؤمن برؤية واضحة لمستقبل أفضل.

والواقع يؤكد أن المناصب لا تصنع العظمة، بل قد تجرد البعض من إنسانيته إذا لم يكن صاحب قيم، فكم من موظف بسيط يصنع فرقا حقيقيا في مؤسسته، وكم من مسؤول كبير لا يتعدى تأثيره حدود الكرسي الذي يجلس عليه، الفارق هنا ليس في الدرجة أو الراتب، لكنها الضمير والنزاهة والالتزام الحقيقي بروح الوظيفة العامة كمسؤولية أخلاقية قبل أن تكون إدارية.

وفي ظل رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يؤكد على أهمية بناء الإنسان وتطوير الكفاءات، وعلى أن النهضة الحقيقية تبدأ من الداخل نجد أن القيادة الوطنية تضع الأسس لمجتمع يسوده الابتكار والعمل الجاد والشفافية، ففي الأردن الحديث الابتكار وريادة الأعمال أصبحا محركي التنمية، والموظف والمواطن المسؤول هما حجر الأساس في هذه العملية.

العمل ليس مجرد أداء للمهام لكنه مساهمة حقيقية في بناء وطننا، واستثمار في مستقبل أجيالنا القادمة، فكل واحد منا أينما كان موقعه يحمل رسالة ومسؤولية أن يكون فاعلا، وأن يبتكر ويبني وأن يزرع قيما حقيقية في مجتمعه ومؤسسته.

إن الوظيفة ليست مجرد مركز أو توصيف إداري لكنها امتحان يومي للضمير، واختبار حقيقي لقيمة الإنسان حين يمنح المسؤولية، والمجتمعات لا تنهض بالألقاب لكن بالناس الذين يملؤون مواقعهم بالقيم، وبالذين يعملون بصدق ولو لم تكتب أسماؤهم على اللوحات.

تذكر دائما: المناصب تستبدل والمسميات تتغير لكن الوطن لا ينسى من خدمه بإخلاص، كن أنت القيمة التي ترفع الكرسي لا الشخص الذي يحتاجه ليبدو كبيرا، فالوطن يرتقي بأمثالك لا بألقاب تعلق على الجدران.

معا وبروح المواطنة والعمل الجاد نستطيع أن نبني أردنا يتجاوز التحديات ويحقق الريادة في المنطقة، ويصبح أنموذجا في التنمية المستدامة والابتكار كما نطمح دوما تحت راية قيادتنا الحكيمة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :