الطالب في زمن المنصات: تعليم أم متاهة رقمية؟
موفق جباعتة
22-06-2025 02:56 PM
منذ سنوات، ونحن نتابع التحولات التي تعصف بالمشهد التعليمي، وكأننا أمام سوق مفتوح لا قواعد تضبطه ولا رؤية شاملة توجهه. تساؤلات كثيرة تطرح نفسها اليوم: من ينقذ التعليم من هذه الفوضى؟ وأين موقع الطالب الحقيقي وسط هذا الصخب المتزايد؟
الكل يتحدث عن التعليم، لكن القليل يعمل على إصلاحه بجدية. صارت القاعات الصفية أشبه بساحات تجريبية، والمنهاج يتبدل كل عام بلا تقييم حقيقي للنتائج. تحولت العملية التعليمية إلى سلعة، والطالب إلى "زبون"، ينتقي ما يشاء من المعلومات من على رفوف المنصات، فيما يبحث المعلم عن دور حقيقي وسط زحام البدائل.
المنصات التعليمية، التي كان يُفترض أن تكون داعمة ومُكملة، انقلبت في كثير من الأحيان إلى أدوات تشويش، يركض خلفها الطالب دون فهم، ويستسلم لأسلوب "الشرح السريع" بحثًا عن العلامة لا عن المعرفة. لا شك أن بعض هذه المنصات قدمت محتوى نوعيًا وذو فائدة، لكننا للأسف أمام طوفان من المنصات غير المرخصة أو غير المؤطرة تربويًا، تتعامل مع التعليم كمنتج تجاري لا أكثر.
منصات التواصل الاجتماعي بدورها أضافت بُعدًا آخر للعشوائية. أصبح التعليم مادة ترويجية، وبات الطالب يقضي وقتًا أطول في مشاهدة "مقاطع تحفيزية" أو "حلول سريعة" بدلًا من أن يتفاعل مع الفهم العميق والتحليل الناقد.
لسنا ضد التطوير، ولا ضد التكنولوجيا، ولكن السؤال الحقيقي هو: من يضع الإطار الناظم لكل هذا؟ من يعيد التوازن بين المدرسة والمنصة؟ بين دور المعلم وشهرة "المؤثر"؟
نحتاج إلى وقفة جادة من وزارة التربية والتعليم، ومن المؤسسات التربوية الخاصة، ومن المجتمع ككل. التعليم ليس مجرد مرحلة عمرية يمر بها الإنسان، بل هو ما يصنع وعيه، وهويته، ومكانته. فهل نتركه عرضة للتجريب والضوضاء؟ أم نعيد له قيمته وهيبته، قبل فوات الأوان؟