facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا .. ولمن .. وكيف؟! ..


محمود الدباس - أبو الليث
26-06-2025 11:57 PM

ليست كل الكلمات التي تُكتب.. تستحق أن تُقرأ.. وليست كل الأقلام التي تسيل حبراً.. تصنع أثراً.. فبعضها يخطّ ليُقال إنه كتب.. وبعضها يكتب ليُقال ما لم يُقَل بعد.. وهنا تكمن الفوارق التي لا تراها العيون.. بل تبصرها القلوب والعقول..

وقد جاء هذا المقال رداً على تساؤلات متكررة.. تردني من متابعين وأصدقاء.. في زمانٍ قلَّ فيه مَن يقرأ.. وكثر فيه مَن يمرّ على الحروف مرور العابرين دون أن ينصتوا.. وكأن الفكر أصبح ترفاً.. والقراءة عبئاً.. فوجدتني أضع هذه الكلمات.. ليس ترفاً في الرد.. بل توثيقاً لما أشعر به.. وتبياناً لما أؤمن به..

الكتابة ليست هواية عابرة.. ولا مجداً يُبتغى.. ولا شهرة تُطلب.. إنها نداءٌ داخليّ.. قد لا تسمعه إلا الأرواح التي تنبض على حافة الحروف.. نداء يجعل الكاتب يسرق من وقته.. وسَكِينته.. وسريره.. ليزرع في الناس فكرة.. أو يخلّف فيهم أثراً.. أو يحرك في دواخلهم سكوناً خادعاً..

لماذا أكتب؟!.. لأن الصمت أحياناً خيانة.. ولأنني في احيان كثيرة.. أقرأ ما يُنشر مما يقترب من الغثاء.. أجد نفسي كمن يحمل ماءً نقياً.. ويرى الكثير من الناس.. يشربون من مستنقع آسن.. فكيف لا أناديهم؟!.. وكيف لا أحاول أن أرشّدهم؟!.. أكتب لأنني مدين لما تعلمته.. ولأن المعرفة التي لا تُنقل.. تشبه الزاد في يد بخيل.. وأكتب لأن في داخلي حرائق لا يطفئها إلا الحبر.. وهموماً لا يسعها إلا الورق..

أكتب لمن؟!.. لمن لا يخاف أن يفكر.. لمن يُنصت أكثر مما يتكلم.. لمن يبحث عن المعنى قبل المبنى.. وعن الرسالة قبل الأسلوب.. لا أكتب لأرضي جمهوراً.. ولا لأكسب تصفيقاً.. بل أكتب لذلك القارئ الخفي.. الذي يضع عقله مكان قلبه.. وقلبه مكان عينيه.. ثم يقرأ.. يبحث عن الصدق وسط زحام التكلّف.. ويقدّر العمق في زمن الأسطح الزلقة..

وكيف أكتب؟!.. لا طقوس عندي.. سوى أن أصدق.. ولا أدوات.. إلا وجعي.. وفرحي.. وفكري.. تأتيني الفكرة دون استئذان.. من مكالمة هاتفية عابرة.. أو من تعليق على وسائل التواصل.. فأضمّها بين كفيّ.. كمن وجد كنزاً.. ثم أبدأ رحلة النحت.. لا لأبهر.. بل لأصل.. فالكتابة عندي ليست صناعة.. بل استجابة.. ليست مهنة.. بل رسالة.. أكتب حين أشعر أن ما لدي يستحق أن يُقال.. وأنه لن يُقال بهذه الطريقة.. إن لم أقله أنا وبتعبيري.. وما دون ذلك.. صمت أكرم وأجمل.. فكم من يوم كتبت مرتين.. وكم من أيام صُمت عن الكتابة..

وليعلم الجميع.. أن ليس لي من وراء الكتابة فواتير تُسدَّد.. ولا عقود تُجدد.. أكتب لأنني أريد أن أكون مرآةً نظيفة.. في وجه الغبار.. ونافذة مفتوحة.. في جدار معتم.. أكتب لأن الكلمات.. إن لم تجد من يقولها.. ضاعت الحقائق في أزقة الضجيج.. وانهزمت القيّم أمام طوفان اللهو..

رسالتي لكل مَن يكتب.. لا تكتب إن لم تكن صادقاً.. لا تكتب لمجرد أن يقال إنك كتبت.. لا تلاحق الأضواء.. دعها تلاحقك.. ولا تفرّغ القلم في عبارات رنانة.. خاوية من الروح.. اجعل من كل حرف بذرة.. ومن كل جملة جسراً.. فإن لم تصل.. فلا أقل من أن تُشعر القارئ.. بأنه لم يُضِع وقته عبثاً..

الكتابة الحقيقية.. ليست مهنة.. إنها أثر.. وإن لم تترك أثراً.. فلا تُسَمَّى كتابة.. فاكتبوا بالقلب والعقل قبل اليّد.. وشَكِلوها بالفكر السوي.. والنبض الحقيقي.. والاحاسيس والمشاعر الصادقة.. كي تخاطب العقل والقلب معاً..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :