الحسين ولي العهد .. هالة جمعت نبوغ الجد والتزام بمدرسة الأب!!
د. ثابت المومني
28-06-2025 01:05 PM
من يتابع حضور سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد في المحافل المحلية والعربية والدوليه، لا يسعه إلا أن يلاحظ الشبه العميق بينه وبين جده الراحل الملك الحسين بن طلال، رحمه الله.
هذا الشبه لا يقف عند الملامح فحسب، بل يمتد إلى حركات الجسد ونبرات الصوت، وكأن الذاكرة الأردنية تستعيد من خلاله طيفًا من الماضي القريب بكل رمزيته وهيبته.
لكن ما يلفت الانتباه أكثر في السنوات الأخيرة، هو بروز شخصية سياسية شابة تحمل ملامح نضج مبكر.
فخلال لقاءاته الرسمية، لا سيما تلك التي يعقدها بشكل منفرد مع قادة دول وشخصيات دولية، يلاحظ المتابعون أسلوبًا متزنًا في إدارة الحوار، ووضوحًا في التعبير، وثقة بالنفس لا تُفرض فرضًا، بل تنبع من تكوين مدروس وتجربة تتطور بتدرج.
وفي هذا السياق، ومن باب المثال لا الحصر، نشير إلى ما يلاحظه البعض خلال الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها سموه برفقة والده جلالة الملك عبد الله الثاني إلى البيت الأبيض، ولقائهما بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ففي اللحظات الختامية من اللقاء، وأثناء وداع جلالة الملك للرئيس الأمريكي أمام عدسات الإعلام، اختار سمو ولي العهد عدم مشاركة الرئيس الامريكي لحظة الوداع، رغم أنه كان حاضراً طوال اللقاء، وتوجّه مباشرة إلى السيارة.
وقد فسّر البعض هذه الحركة كإشارة صامتة تحمل تحفظاً دبلوماسيًا على أسلوب ترامب في التعامل مع ضيوفه، والذي اتسم في بعض الأحيان بنبرة متعالية أو جافة، خاصة مع عدد من قادة العالم بينما اعتبره البعض انه تصرف عفوي عادي.
هذه اللحظة، وإن كانت مجرد تفصيل صغير في مشهد كبير، فإنها تُقرأ بوصفها مؤشرًا على شخصية قيادية فذّة تتشكّل بهدوء وثبات. وقد تكون، من وجهة نظر أخرى، تعبيرًا مبكرًا عن نبوغ سياسي يتقاطع مع مدرسة جده الراحل التي شهد لها العالم بالحكمة والدهاء، ويوازي في الوقت نفسه المدرسة السياسية الحديثة التي يقودها والده جلالة الملك عبد الله الثاني، والتي تميزت بالاعتدال والتوازن والوضوح.
هذا التميز لا ينفصل عن بيئة التنشئة التي يحظى بها الأمير، فقد نشأ وتعلم وتكوّن في ظل هاتين المدرستين، وهو لا يُعيد إنتاجهما حرفيًا، بل يستلهم منهما ليؤسس أسلوبه الخاص، المتفاعل مع روح الجيل والتحديات المتسارعة لعالم اليوم.
إذا كنّا نرى في الأمير الحسين صدىً واضحًا لصورة جده الراحل، فإن نضوجه السياسي يبدو كثمار مدرسة حديثة تُبنى على أسس راسخة وتستشرف المستقبل بثقة. لا تناقض هنا بين الماضي والحاضر، بل تواصل منطقي بين ثلاثة أجيال من القيادة، لكل منها بصمتها في وجدان الأردنيين.