تعتريني رغبة جامحة بالصراخ والأنين ، ولكنها الثالثة فجراً !!

كيف لي ان أصرخ ولدي في غرفتي طفلان نائمان، أحدهما بشارب والآخر بلا أسنان !!

زوجي وطفلي يتشابهان في كل صغيرة وكبيرة ، فعندما يستغرقان في النوم لن يجرؤ على إيقاظهما إلا من هو على اتم الاستعداد لتحمل جام غضبهما لساعتين من الزمن على أقل تقدير !!

ولكن ماذا افعل فلقد اهملت ذاك الصعلوك ضرسي لشهور طويلة ، فقرر في هذ الليلة ان يباغتني بحرب العصب الذي يرقد تحته كما ترقد الشياطين تحت الأرض !

نهضت من فراشي مسرعة الى اقراص البنادول ، تناولت واحدا وثانيا وثالثا ووضعت يدي على خدي أحدق في التلفاز الصامت ، يالهشاشتي وقلة حيلتي ! يالضعفي ووهني أمام ذاك العصب !! ولكنني ساحتمل لدقائق بسيطة حتى يجري مسكن الآلام في عروقي مجرى الدم ويحسم المعركة لصالحي ... اعلم أنها محاولة يائسة ولكنني سأحاول !! نعم لقد فعلتها وهاانا بدات أغفو ...لا تقلبوا الصفحة ارجوكم ! فلم تنته الحكاية عند مشهد الغفوة القصيرة ، تعالوا معي نقرأ المشهد الآخر .

( نسلك أصعب الطرق واعقدها واطولها في سبيل الواسطة أو القرابة أو المعرفة ! أهلا وسهلا بكم في الاردن فهذه صفة الأردنيين جميعاً وزوجي ليس بغريب فهو منهم ! اصر أن يتتلمذ ضرسي الأرعن على يديّ إبن عمه الطبيب الذي وبالرغم من كونه طبيباً ماهراً إلا أنني تفصلني عن عيادته مسافة تجاوزت ال 25 كيلومترا ذهاباً ومثلها إياباً هذا عدا عن كونه طبيباً غير متفرغ ومن ذوي الأعصاب ( الآيس كريمية ) ، فعندما أرتفع متراً عن الأرض صارخة من شدة الألم ، تنطبع ابتسامة طويلة عريضة على شفتيه ليقول لي ببطء وهدوء ( أنت تبالغين في الدلع ، فليس الألم كما تصفين !) ... ماذا عساي أن أفعل فالأردنية مرغمة على طاعة زوجها حتى ولو لم تكن مقتنعة بخياراته العشائرية ، ومجبرة على سماع قهقهات ابن عم زوجها عليها وهي تشعر بأن مطرقة من خشب الزان تدك فوق دماغها دكاً دكا !!

مضى شهران ولا زال ضرسي مغطى بحشوة مؤقتة سقطت ثلاث مرات ، ولازال الطبيب يعدني بأنه قريباً سيخرس صوته إلى الأبد بحشوة دائمة ولا زلت أنا أموت واصحو ما بين الساخن والبارد من كل ما يؤكل ويشرب..

إبن عم زوجي العزيز الغالي ... لن اناديك باسمك حتى لا يعتبر هذا بمثابة حملة إعلانية ضدك! انا فقط أبث لك عبر هذه السطور ألمي ولوعتي وأرجو أن تشعر بها ؟؟؟.. إنني أعلم ! لا لا بل قد شعرت بتجربتي بأنك طبيب محترف ولكن أثبت لي ذلك وبادر بإعطائي موعداً حقيقاً لإنهاء صراعي مع ضرسي المجنون ...

أما أنت يا زوجي فلقد نسيت قبل أيام ذكرى عيد ميلادي ولم تقدم لي هدية ووعدتني بأنك ستحضرها بعد عودتك من السفر في غضون الايام القليلة القادمة ، الآن وبعد هذه السطور أنا متيقنة كل اليقين من انني خسرت هديتك لهذا العام ! هذه ستكون أقل الخسائر إذا لم يخطر على بالك إعادتي إلى ديار أهلي عقابا منك على ما صدر مني من كلمات تجاهك وتجاه ابن عمك ! عندها سأحفظ ماء وجهي أمام عشيرتي وسأغني لك كما غنت سميرة توفيق في الثمانينات ( لهجر قصرك وأرجع بيت الشعر .. وأعود لأهلي بعد ماذقت القهر) وأقصد بالقهر قهر أسناني فقط !

زوجي ... أعادك الله لي بألف سلامة أتوقع منك اقل الخسائر لا أعظمها فكن عند حسن ظني بك ولا تخيب آمال زوجة أردنية مطيعة ..

أيها الأردنيات في كل مكان ...

منذ عدة اشهر كثر الحديث عبر مكبرات الصوت والصورة عن الإصلاح ومحاربة الفساد وضجت شوارعنا بالهتافات وضاقت أزقتنا بالمتظاهرين المطالبين بقائمة لا منتهى لها من التعديلات والإصلاحات ، ولكن هذا لن يصلح نظاماً ولن يحارب فساداً إذا ما أقترن بإصلاحاتكن في البيوت ، فالمطلوب إصلاح الشوارع قبل الخروج إليها ... أنتن البنات والأخوات والزوجات والأمهات والعمات والخالات .. حاربن الفساد بالحكمة والموعظة الحسنة ، ذكـّرن الرجال بما لهم وما عليهم تجاه الوطن ، أيتها الأردنية ،لا تاكلي لقمة وأنت على علم بأن زوجك او اباك أو ابنك أو أي كائن من كان قد سرقها من جيوب الأردنيين تحت مظلة مهنته كوزير ... لا تشجعي ابنك على سرقة الكهرباء والماء ... لا تباركي لزوجك حصوله على وظيفته بالواسطة وليس بجدارته ! لا تشكري اباك على هدية وانت تعلمين علم اليقين بأنه تقاضاها رشوة لقاء إرساء العطاء على إحدى الشركات ! لا تسلطي أخاك الذي يحتل منصباً مهما ً في إحدى المؤسسات الحساسة على والد تلك التي تغارين منها حتى يجر قلمه موقعاً على خراب بيت ذلك المسكين !

وختاما ً ..لا تسمحي لكل هؤلاء بالخروج إلى الشوارع في ايام الجمع المباركة قبل أن تفعلي كل ماسبق ، حينئذ سيكون للخروج هدف وللهتاف حاجة ملحّة..

(فساد قشرة التفاحة دليل على خراب داخلها ).. وللمشاهد بقية ..