facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل بلغ بنا الحدُ .. أن نخطِب فتاةً على مرأى ومسمع زوجها؟!


محمود الدباس - أبو الليث
09-07-2025 10:19 AM

منذ البدايات.. لم تكن التقاليد ترفاً اجتماعياً.. بل استجابةً لحاجاتٍ فرضتها الحياة.. فسكنَت الوجدان.. قبل أن تُكتب في الدساتير.. وورثناها جيلاً بعد جيل.. حتى غدت دليلاً غير مكتوب.. يُوجه سلوكنا في أدق تفاصيله.. وإن اختلّت بعض معانيها مع الزمن..

وعندما نتحدث عن الزواج.. فالأصل فيه.. أن يكون ميثاقاً غليظاً.. تسبقه خطوات منطقية.. وتحيط به أعراف تحفظ للناس كراماتهم.. لا أن يتحوّل إلى مشهد تمثيلي مبالغ فيه.. عنوانه “جاهة”.. ومضمونه "فشخرة" و "عرط" لا يُقنع حتى طفلاً صغيراً..

في الماضي.. كانت الجاهة تُرسل لتليين موقف وليّ أمرٍ متعنّت.. أو لرفع الحرج في حال وجود خلافات في إحدى محطات الزواج.. أو إذا كان هناك فروقات بين الطرفين.. أو لتخفيف متطلبات أهل الفتاة.. وكانت تقوم مقام الحلّ والربط.. وتساهم في التفاهم على المهر.. وكذلك تُظهر نيّة الاحترام من أهل الخاطب.. تجاه أهل الفتاة.. ولنكن على علمٍ.. أنها كانت تُقدَّم قبل عقد القران.. لأنها كانت ضرورة.. لا مكمّلاً شكلياً..

أما اليوم.. فنعيش انقلاباً في المفاهيم.. إذ يُعقَد القران.. وتُكتب العقود.. ويتم تسليم المَهر.. ويصبح الشاب رسميّاً زوجاً للفتاة.. ثم بعد كل ذلك.. تأتي جاهةٌ تُطالب بما أصبح حقيقةً وواقعاً.. وتطلب يد فتاةٍ أصبحت في كف زوجها.. في مشهد يُفقد الأمر هيبته.. بل ويهين المنطق ذاته..

وتقام "الجاهة" كما تُقام حفلات الزفاف.. مئات المدعوّين.. وميكروفونات.. وصوتيات.. ونصوص محفوظة تُلقى بنبرة درامية.. ويوضع فنجان القهوة لطُلبة العروس.. امام كبير الجاهة.. بينما العريس سبق وأن احتسى القهوة ذاتها منذ أشهر.. يجلس بينهم كضيفٍ غريبٍ على مشهدٍ عبثي..

ومع ذلك.. يُقال على لسان كبير الجاهة.. "أنخنا مطايانا ببابكم.. وجئنا نطلب يد ابنتكم.. راجين أن لا ترفضوا طلبنا.. وقهوة الاجواد ما تبرد".. وكأننا نعيش وهماً جمعيّاً.. نمارس فيه تمثيلاً جماعياً.. يُحرج العقول.. ولا يسرّ القلوب..

أليس من الأولى.. والأكرم.. أن نكون صريحين؟!.. أن يُقال بوضوح "جئنا اليوم لإشهار هذا الرباط.. الذي تمّ بعون الله".. بدلاً من هذا التكلّف المقزّز؟!..

أليس من الأدب.. أن نراعي وجود الزوج.. فنُجنّبَه سماع كلماتٍ تُشعره بأن العقد الذي في خزانته.. ليس حقيقياً.. وانه حبرٌ على ورق.. ولن يصبح واقعاً.. إلا بعد انتهاء هذه المسرحية الهزلية؟!..

وللأسف.. ما يزيد الطين بلّة.. أن البعض يقيس الفخامة والاحترام والتقدير.. بعدد الحضور.. وطول الكلمة.. ومدى استعراض التاريخ.. والعشيرة.. والنسب.. ومحاولة ربط الطرفين بعلاقات متجذرة.. تعود الى ما قبل التاريخ.. تذكرني بالرابط العجيب في الرسوم المتحركة.. وكأننا في منافسة خطابية.. لا في مناسبة روحية عظيمة.. كان الأصل أن تعني شيئاً.. لا أن تُفرَّغ من معناها..

أيها الوجهاء.. والله إنني شاهدت بعيني.. وسمعت بأذني.. التهكم والاستهزاء بتمثيلكم في مثل تلكم المسرحيات.. فإن أصررتم على إقامة الجاهة بعد عقد القران.. فلا تجعلوها مسرحية هزلية مضحكة.. بل اجعلوها إشهاداً وإشهاراً راقياً.. بعباراتٍ جديدة.. تليق بالحدث.. تبتعد عن التكرار المملّ.. وتُقدّر حضور الزوج.. وتُنقذ الزواج من تشوّه الصورة الأولى.. وأول محطاته..

فالزواج أسمى من أن يكون سلعة تُعرض أمام جمهور.. أو نصاً محفوظاً يُتلى دون وعي.. إنه بناء.. وأساس البناء الصدق لا الرياء.. والبساطة لا التضخيم..

ارحموا العقول.. إن لم تكرّموها.. فكفوا عنها عبء التكرار الساذج المقيت.. فإن لم يكن في كلماتكم معنى.. فلا تجعلوها إهانةً باسم التقاليد..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :