facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا معالي الوزير


محمود الدباس - أبو الليث
10-07-2025 03:57 PM

لم تكن مؤشرات تصنيف الجامعات يوماً.. مجرّد أرقام تستعرضها المؤسسات.. بل هي ثمرة تراكمية لجهود تمتد عبر سنوات.. بين برامج أكاديمية تتطور.. وبحث علمي يتعمق.. وبيئة تعليمية تواكب المعايير العالمية.. لذلك حين نتحدّث عن تصنيفات مثل QS و Times Higher Education وShanghai.. فإننا نتحدث عن منظومات تقييم معقدة.. تخضع فيها الجامعات للفحص الدقيق.. من حيث السمعة الأكاديمية.. وعدد الأبحاث.. جودة النشر.. عدد الاستشهادات.. ونسبة التوظيف بعد التخرج.. إلى جانب معايير التدويل والتنوع.. وكلها معايير تتعامل بها تلك المؤسسات مع أكثر من 30 ألف جامعة حول العالم..

وتُنافس على مواقعها الأعرق والأقوى عالمياً مثل.. جامعة هارفارد وجامعة MIT التي تتصدر التصنيف عالميا أكثر من 10 سنوات متتالية. وجامعة كامبريدج وجامعة أكسفورد.. اللتان تتبادلان المراكز الثانية والثالثة.. ولا ننسى ستانفورد وكاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) دوماً ضمن العشرة الأوائل.. وإذا ما ذهبنا لأوروبا.. سنجد ETH زيورخ (سويسرا) من أقوى الجامعات الأوروبية.. وتدخل ضمن أفضل 10–15 عالميا..

وفي هذا السياق.. كان لافتاً ومؤسفاً.. أن يخرج وزير التربية والتعليم.. والتعليم العالي بتصريح صادم.. يُشكّك فيه بمصداقية مخرجات التعليم العالي في الأردن.. من رسائل ماجستير ودكتوراه.. وبحوث علمية.. متهما جامعاتنا.. بأنها لا تركز.. او تغض الطرف عن السرقات العلمية والانتحال.. بل ويستند -ويا للمفارقة- إلى مؤشر النزاهة البحثية.. الذي وضعه باحث فرد في الجامعة الأميركية ببيروت.. ولم يُعتمد حتى الآن.. من أي جهة دولية.. أو مؤسسة أكاديمية مرجعية..

فالمؤشر الذي أعدّه د. لوكمان ميهو.. والمعروف بـ RI².. ليس إلا محاولة أولية.. لاستكشاف مخاطر النزاهة في البحث العلمي.. وتركّز فقط على معدلات السحب من النشر.. وعدد الأبحاث في مجلات أُزيلت من قواعد البيانات.. وهو مؤشر غير معترف به من أي مؤسسة تصنيف عالمية.. ولم يخضع بعد لتقويم مؤسسي.. أو اعتماد دولي.. بل حتى المراجعات الأكاديمية التي تناولته.. تحفظت على منهجيته.. ووصفت نتائجه.. بأنها تشخيص أوّلي.. يحتاج إلى المزيد من التحقق والتطوير..

فكيف يصبح هذا المؤشر فجأةً.. مرجعية لتقويم مؤسسات تعليمية.. تضم مئات الآلاف من الطلاب.. والأكاديميين؟!..

ثم يا معالي الوزير.. ما الرسالة التي نرسلها للداخل والخارج.. حين يُهاجم معاليكم جامعات بلاده.. في الوقت الذي تتقدّم فيه هذه الجامعات على سلم التصنيفات الدولية المعتمدة؟!.. كيف يجرؤ مَن يجلس على رأس الهرم التربوي.. أن يضرب ثقة الأردنيين بمؤسساتهم.. ويُقدّم للعالم صورة سلبية عن جامعاتٍ.. باتت تنافس على مواقع متقدّمة بين جامعات عريقة؟!.. وهل تعلم معاليك.. أن الجامعات الأردنية قد حجزت مواقع مشرّفة في تصنيف QS.. بل إن بعضها اقتحم نادي أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.. ودخل التصنيفات التخصصية؟!..

لا ننكر أن هناك مشاكل.. ولا ندّعي أن جامعاتنا بلا عيوب.. لكن بين النقد البناء.. والنقد الهدّام شعرة.. تُفصل بين الإصلاح والتشويه.. ونحن بحاجة اليوم.. إلى ترميم الثقة بين الدولة ومؤسساتها.. لا إلى تقويضها من الداخل.. فهل يُعقل.. أن تُقِر مؤسسات تقييم دولية رفيعة بتقدّم جامعاتنا.. ويخرج علينا وزيرنا بتقارير غير معترف بها.. لينقض ذلك كله؟!..

لقد آن الأوان.. أن نعيد تعريف المسؤولية الوطنية.. وأن نُدرك أن النقد حين يُوجّه من أصحاب القرار.. يجب أن يكون مستنداً إلى أدوات علمية.. ومراجع موثوقة.. لا إلى مؤشرات فردية.. لا تُقيم لها كُبريات الجامعات.. ولا تعيرها وزناً حكومات العالم ولا مؤسساته الأكاديمية المرموقة.. فسمعة الجامعة ليست ملكاً لإدارتها فقط.. بل هي وجه الوطن كله..

فما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا معالي الوزير..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :