facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مَن يكرم من جيبة غيره .. فليتحمل العواقب؟! ..


محمود الدباس - أبو الليث
14-07-2025 10:47 PM

في لحظة حماسية.. تصدر الحكومة قراراً يبدو إنسانياً في ظاهره.. فتفرض راتباً إضافياً للعامل.. أو ترفع الحد الأدنى للأجور.. وتخرج إلى الناس مزهوةً بإنجازها.. وكأنها أنقذت الطبقة العاملة من أنياب الجوع.. بينما هي لم تفتح خزانتها لهذا العطاء.. بل مدت يدها إلى جيب القطاع الخاص.. وأخرجت ما فيه.. ثم قالت.. انظروا كم نحن كرماء؟!..

الحكومة التي تضع اشتراطات استثمارية.. أشد من اشتراطات الدول الصناعية.. وتفرض رسوماً في كل معاملة.. وتجعل من التراخيص.. وإعادتها.. قصة لا تنتهي.. ثم تعود وتطالب المستثمر أن يصمد.. ويستمر.. ويوسّع.. ويوظّف.. هي حكومة تُنازع السوق على أنفاسه الأخيرة.. وتظن أن يدها لا ترتجف وهي تقبض على عنقه..

حين يُجبر المستثمر على الإنفاق.. أكثر مما يحتمل.. ولا يُسمح له بتحصيل مستحقاته بسرعة وعدالة.. حين يجد نفسه يتنقل بين دوائر بيروقراطية.. أشبه بالمتاهات.. ويدفع مبالغ.. لا يعرف كيف فُرضت عليه أصلاً.. ويُطالب في الوقت نفسه.. بأن لا يخفض جودة منتجه.. أو خدماته.. ولا ينسحب من السوق.. حينها يصبح الاستثمار مقامرة.. لا مشروعاً اقتصادياً مدروساً..

فهل بهذه الطريقة نحمي العامل؟!.. أم نعده ليكون ضحية تسريح قادم؟!.. وهل بهذا ننهض بالاقتصاد؟!.. أم نُعد العدة لموجة إفلاسات جديدة؟!..

يا حكومتنا.. القرارات لا تُقاس بنيّة صاحبها.. بل بنتائجها.. فإن كان الهدف من زيادة أجور العامل تحسين معيشته.. فما النتيجة إن خسر عمله؟!.. وإن كان الهدف من اشتراطاتكم تحسين بيئة العمل.. فهل تُحسِّنها وأنتم تغلقون الأبواب أمام المستثمرين؟!..

المدارس الخاصة.. التي تختنق بالقرارات والضرائب.. ستُغلق تباعاً.. وحينها ستتهافتون لبناء غرف صفية لا تَسَع.. وتعيين معلمين لا تَكفي رواتبهم.. والنتيجة.. تعليم منهك.. ومستوى ينهار..

والمصانع.. التي تُرهقونها بمئات الشروط.. والتعديلات.. والغرامات.. ستُغلق أيضاً.. ونُضطر للاستيراد بدل الإنتاج.. وننزف عملة صعبة.. بدل أن نحفّز الاقتصاد المحلي.. وبهذا نُضعف الدينار.. بدل أن نحميه.. ونزيد البطالة بدل أن نُقللها..

فهل هذه هي العدالة؟!.. وهل هذا هو التحفيز الاقتصادي الذي تتغنون به؟!..

من الخطأ أن تُحمّل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.. أعباءً تفوق طاقتها.. فهذه المنشآت تشكّل أكثر من 90% من اقتصادنا الوطني.. وهي التي توفر فرص العمل الحقيقية.. وهي التي تنهار بصمت دون أن يسمع أنينها أحد..

والأخطر من كل ذلك.. أن المستثمر المحلي.. حين يُطرد من وطنه.. بسبب تعقيد التشريعات.. وغلاء التشغيل.. لن يَحل مكانه مستثمر أجنبي.. بل سيأتي تاجر.. يَستورد ويبيع.. دون أن يُوظف أحداً.. أو يُنتج شيئاً.. أو يُساهم بنقطة واحدة في الناتج القومي..

فيا مَن تكرمون من جيبة غيركم.. لا بد أن تعلموا.. أن الكرم المصطنع لا يُنقذ العامل.. بل يدفعه نحو حافة الضياع.. وأن بناء اقتصاد متين.. لا يكون بقرارات منفوخة في الإعلام.. بل بسياسات ذكية تحفظ التوازن.. بين العامل.. وصاحب العمل.. والدولة..

ما زال هناك وقتٌ للعقل أن يتكلم.. قبل أن يصمت السوق.. وما زال بإمكانكم.. أن تراجعوا أنفسكم.. قبل أن تضطروا إلى مراجعة موازنتكم.. التي لن تصمد طويلاً أمام سلسلة الانهيارات القادمة..

فهذا جرس الخطر.. نقرعه بقوة.. فلعل صوته يصل إلى العقول.. قبل أن تصمّ الآذان عن كل شيء إلا التصفيق..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :