لا أقارن به أرض فهو أغلاها على قلبي، ولا أضعه في ميزان مع أي البلاد لأن كفته دوماً راجحة، ولا اغفوا ملء جفوني إلا في أحضانه فهو الأم والأب الأكثر أمناً لأبنائهم، هذا هو الوطن رفيق الروح ودرب السعادة والأحلام الأجمل الذي يمنحنا حاضر مستقر ناهض والأمل لبناء مستقبل أروع، ومن دونه تنتهي الحياة وبالبعد عنه يزداد الألم، فيبقى ساكناً في الروح رغم وجع القلب من تزايد المتاجرين بحبه وخيراته وقد لا نعرف أسمائهم لكننا نشعر بسوء فعالهم بحق من يحضنهم ومن كبرهم ووضعهم في مكان لا يستحقونه، وقطعاً ليس الوطن من يفعل ذلك بل أشخاص يريدون من الجميع الاعتقاد أنهم الوطن.
ومن حق الوطن علينا أن نتمعن بكلمات الأديب المصري نجيب محفوظ حين قال: "إنهم كذابون.. ويعلمون أنهم كذابون، ويعلمون أننا نعلم أنهم كاذبون، ومع ذلك فهم يكذبون بأعلى صوت، لتصيب أصوات الفاسدين مسامع الشرفاء وهم يتحدثون عن الفضيلة والشرف بالصمم والرغبة بالتقيء، فقد وصل كذب بعض النواب عنان السماء، وارتقى وزراء الصدفة بجهلهم وزاد الطرفان من غيهم فقدموا للشعوب الطعام الفاسد والفكر الرجعي والأحلام الزائفة على أنهم جائزة كُبرى، في وقت يحتاج منهم الوطن الأخلاص والتفاني في خدمة الشعب وصولاً للوطن الذي نريد أن يبقى عزيزاً كريماً رحيماً بالجميع، وهذه أمور تتطلب العمل الصادق المبني على دراسات واقعية وليس غيبيات.
ويسعى الفاسدون في جميع الأوطان العربية لقتل كل مبدع وصاحب فكر حتى لا يتم اكتشاف جهلهم وضعف فكرهم، لذا يُبعدون كل شريف قادر على صيانة شرفه وشرف الوطن، ويتحول الشرفاء هدفاً لمن ضحوا بشرفهم بقبول الرشوة ونشر المحسوبية والواسطة والارتقاء بالأسوأ وعزل الشرفاء وإبعادهم عن أي منصب، حتى لا يكونوا شاهدين على ضعف فكرهم وفساد سرهم وعلانيتهم، رافعين لواء اقتلوا الشرف والعزة وليحيا الفساد فنحن الوطن ونملك كل شيء ونحن فوق كل شيء.
ان الوطن ليس قطعة أرض وحدود فقط بل شعب يحلم بالأفضل وحكومات تبذل جميع جهودها لتحويل الاحلام إلى حقائق، وتعمل على أن تعم المساواة الشمولية والعدالة الاجتماعية وتساوي الفرص دون تمييز بالعرق أو الدين أو اللون أو الجنس بين الجميع، فالوطن للجميع ويحق لأهله أن ينالوا حقهم بالكامل دون نقصان ودون منية من أحد، وهذا ما جعل الشعوب الغربية تنهض بدولهم حين قدموا العلماء والخبراء وحاكموا من يعتمد المحسوبية والواسطة فنهضت دولهم.
آخر الكلام:
قال روبرت موغابي رئيس لزيمبابوي الأسبق والحاصل على ثماني شهادات جامعية تراوح بين البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، من جامعات في تنزانيا وغانا ولندن وجنوب إفريقيا وتعلم القانون في السجن قال: "لا يمكن أن نقنع الجيل الجديد بأن التعليم هو مفتاح النجاح طالما نحن محاطون بخريجين فقراء، ولصوص أثرياء"، وقال: "لا يوجد استعمار جديد. الاستعمار هو الاستعمار، هو نفس الشيء".