السياسة الاسرائيلية في الاعتداء على دول المنطقة
السفير محمد الكايد
20-07-2025 12:00 PM
تتبع الحكومة الاسرائيلية الحالية ما يعرف بسياسة ال Mad dog في تعاملها مع المحيط الاقليمي ودول المنطقة عبر استمرار مهاجمتهم وانتهاك سيادتهم وعقرهم وترويعهم مدفوعة بالطبيعة العدوانية لهذه الحكومة وتركيبتها السياسية. فمنذ مجيء هذه الحكومة المتطرفة وهي لا تنفك عن مهاجمة جيرانها القريبين والبعيدين بسبب او بدون سبب وذلك لتحقيق مصالح شخصية لرئيسها ولإرضاء النزعات العدوانية لاعضاءها وتحت ذرائع لا ترقى الى اللجوء الى النزاع المسلح.
فمن لبنان الى اليمن الى ايران واخيرا سوريا لا تتورع اسرائيل عن شن الحروب بشكل دوري ومستمر ، وتتفنن في خلق الاعذار والمسببات للابقاء على اليد الطولى لجيشها الذي يسمى نفسه بجيش الدفاع. وفي عدوانها المتكرر، تفاجئك الحكومة اليمينية الاسرائيلية بالاسباب التي تدعوها لشن العدوان كما حدث عند العدوان على سوريا مؤخرا عندما نصبت نفسها كحامية للاقلية الدرزية في سوريا وغيرت من قواعد الاشتباك عبر ضرب مبنى رئاسة الاركان السورية بدون استفزاز او تحرك عدائي من قبل الوحدات العسكرية السورية . ويظهر السلوك الاسرائيلي نفاقا سياسيا بامتياز واعذارا أمنية واهية وهي الدولة التي تعامل الاقليات فيها كمواطنين من الدرجة الثانية وتمارس ضد الفلسطينين الواقعين تحت الاحتلال شتى انواع التمييز والتنكيل والتهجير مما يعري حجة (حماية الاقليات) التي تذرعت بها في اعتداءها على سوريا.
ويخرج علينا رئيس الحكومة اليمينية بين الفنية والاخرى بتصريحات يبرر فيها عدوانية حكومته بنصوص توراتية يستند اليها في جرائمه ، وتبريرات تاريخية مستمدة من تجربة الهولوكوست التي بدأ العالم يسأم من كثرة تكرارها ، وفلسفة امنية واهية تدعي محاربة الارهاب اينما وجد والحق المشروع لاسرائيل في الدفاع عن نفسها ووجودها مقابل الحجارة والسكاكين والاسلحة البدائية ، وهي التي تمتلك احدث الاسلحة واقواها والتي ضمنت لها تفوقا عسكريا واضحا في المنطقة.
ولكن الحقيقة الواضحة لكل متبصر ان هذه السياسة تهدف الى خلق بيئة ديموغرافية وامنية هشة عبر نشر الرعب الدائم بين دول المنطقة وشعوبها تهدف الى التهجير القسري للسكان ومنع دول المنطقة من بناء استقرار داخلي طويل الامد والابقاءء على حالة اللاسلم واللاحرب لفرض اهدافها التوسعية في المنطقة كلها والتي تشير اليها خرائطهم ومناهجهم التعليمية. وتضمن هذه السياسة ايضا استمرار التأييد الشعبي للحكومة اليمينية حيث تحاكي هذه السياسة عمقا في نفسية المواطن الاسرائيلي تتعلق بوجوده وامنه وتخاطب عقلية القلعة التي لا زالت سائدة لدى الكثير من الاسرائيليين مما يعني اطالة العمر السياسي لهذة الحكومة.
من جهة ثانية، تجد السياسة الاسرائلية دعما كبيرا من بعض الدول التي ترعاها وتمدها بسبل العيش للاستمرار في السيطرة على المنطقة عبر إثارة الذعر بين سكانها تحقيقا لمصالحها الخاصة المتمثلة في ضرورة الابقاء على التوتر الاقليمي في المنطقة وضمان حاجة دول الاقليم للعون والمساعدة من هذه الدول ضد حاله عدم الاستقرار نتيجة سياسة ال Mad dog الاسرائيلية ، علما بان هذه الدول هي نفسها قد مارست نفس السياسة سابقا عندما اتبعت بريطانيا سياسة الارض المحروقة ضد الاحرار العرب ، كذلك السياسة الفرنسية الدموية التي سادت ابان استعمار الجزائر ، وايضا التكتيكات العسكرية الامريكية ابان حرب فيتنام واستعمال قذائف النابالم. وتجد سياسة الحكومة الاسرئيلية اذانا صاغية خاصة من قبل الولايات المتحدة التي شاركت اسرائيل في ضرب ايران وتؤمن معها بسياسة فرض السلام باستعمال القوة وهو ما تشدق به بنجامين نتنياهو بعد التوصل لوقف اطلاق النار في الاحداث الداخلية التي جرت مؤخرا في سوريا. وترى الولايات المتحدة ومعها بعض الدول الاوروبية في سلوك اسرائيل كاداة ضغط ضد دول المنطقة مما يجعلهم يغضون الطرف عن الخروقات الاسرائيلية واعتبار هذه السياسة ورقة تفاوض جيوسياسية لا علاقة لها بحقوق شعوب المنطقة.
ان سياسة اسرائيل القائمة على استعمال القوة في كل شان كبر ام صغر لن تحقق السلام والامن في المنطقة ولن تجلب رخاء اقتصاديا واجتماعيا لكل الدول بمن فيهم اسرائيل نفسها ، وتعتبر السبب الرئيسي لعدم الاستقرار كونها تخدم نزعات عدوانية توسعية مدعومة برعاة دوليين يجدون في التوتر وعدم الاستقرار مصلحة استراتيجية لهم.