في زمنٍ باتت فيه الحقائق تُحاصر بالأوهام، وتُشوَّه فيه المنجزات بحملاتٍ من الزيف والتشويه، تطفو على السطح أصواتٌ تدّعي الحرص على المصلحة العامة، وتنتحل صفات النزاهة، بينما هي في جوهرها ليست إلا مرآةً لعجزٍ شخصي وتناقضٍ سافر.
يخرج علينا بين الفينة والأخرى من نصّب نفسه وصيًّا على القيم والمؤسسات، يتحدث بلسان المصلح، ويكتب بيد المُخرّب. وبين الجحود والنكران، يمضي في توزيع الاتهامات جزافًا على من حوله، لا لشيء إلا لأنهم تفوقوا عليه بالإخلاص والاجتهاد، لا بالمؤامرات والتلاعب.
يمتطي منبر الهجوم، ويصب جام غضبه على أصحاب الإنجاز الحقيقي؛ أولئك الذين ارتقوا بمؤسساتهم علمًا ومكانة، لا بالضجيج بل بالعمل المتواصل، لا بالشعارات الرنانة بل بالأثر الذي يُشهد له في الميدان. منشورًا تلو الآخر، يتكئ على تشويه السمعة، ويستهدف العلماء والمبدعين بأسلوبٍ لا ينمّ إلا عن خواء فكريّ، وغياب لأي بصمة شخصية تُذكر.
إن من يهاجم أصحاب الإنجاز اليوم، لا يفعل ذلك إلا ستارًا لعجزه المزمن عن تحقيق أي حضور حقيقي، فكل إشراقة نجاح تُفقده توازنه، وكل إنجازٍ يُسلَّط عليه الضوء يفضح عتمة تجربته.
لقد آن الأوان أن يُقال لهؤلاء بصوتٍ واضح: كفى.
كفى تشويهًا للمنجزات.
كفى نفاقًا وتضليلًا.
كفى عبثًا بثقة الناس بمؤسساتهم.
دعوا المخلصين يعملون، ودعوا الصامتين ينجزون، فقد تعب الوطن من المتاجرين به، ومن أولئك الذين لا يظهرون إلا حين يعلو صوت الحسد فوق صوت الإنجاز.