مدرسة الدبلوماسية الاردنية .. بوابة العبور الآمن (١)
مأمون المساد
22-07-2025 08:52 AM
لا وصف يمكن أن يعطي الدبلوماسية الاردنية حقها وهي تمضي بثبات ومرونة وقدرة على التكيف في اقليم النار الملتهبة منذ قيام الدولة الاردنية الحديثة في عشيرنيات القرن الماضي ، ولا نستعرض هنا تاريخها المشرف ، ولكن نطالع منهجية العمل التي ارساء قواعدها الملوك من بني هاشم وصولا الى حكم جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين منذ ربع قرن الزمان ، ليكون العبور امنا نحو شواطىء تغيرت في كثير من دول الاقليم ، وبات يُنظر إلى الأردن كدولة ذات صوت عقلاني في إقليم مضطرب ، و يبني علاقات وثيقة مع أمريكا، أوروبا، ودول الخليج، مع الحفاظ على الحوار مع الأطراف الإقليمية الأخرى ، وبالتالي استطاع تأمين دعم دولي اقتصادي وإنساني، رغم محدودية الموارد.
نقول هنا بأن منهجية الدبلوماسية الأردنية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني اتسمت بالثبات على المبادئ والمرونة في الأدوات، وارتكزت على ثلاث ركائز رئيسية:
1. الاعتدال والواقعية السياسية اذ اتبع الأردن نهجًا معتدلًا ومتوازنًا في سياساته الخارجية، ما جعله وسيطًا مقبولًا في ملفات إقليمية شائكة ، وحافظ على علاقات متوازنة مع كافة الأطراف الدولية، رغم التوترات العالمية المتكررة.
2. التمسك بالثوابت القومية ويظهر ذلك جليا في الدفاع المستمر عن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية انطلاقا مز حماية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس مرورا برفض التوطين والوطن البديل كجزء من الثوابت الوطنية ، ورفض العدوان الظالم على الشعب الفلسطيني ، ودعم حقه في مقاومة الاحتلال الغاشم على أهله ووجوده في الضفة الغربية وقطاع غزة .
3. الدبلوماسية النشطة متعددة الأطراف اذ يشكل حضوره الفعّال في المحافل الدولية (الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية، القمم الإسلامية) ، و استخدام هذه المنابر الدولية لطرح المبادرات الإنسانية والسياسية تجاه الإرهاب وأطراف النزاع في العراق وسوريا وغيرهما.
الحديث عن منهجية الدبلوماسية الاردنية لابد وان يدفعني للحديث عن الأدوات الدبلوماسية التي يمضي بها الاردن والتي نستخلصها من السلوك الاردني حيث كانت هذه الادوات تأخذ العديد من الأشكال تبعا للأحداث والمواقف ومنها :
- الدبلوماسية الوقائية: لتفادي النزاعات الإقليمية.
- الدبلوماسية الإنسانية: خاصة في ملف اللاجئين السوريين ، وملف الحرب على غزة
- الدبلوماسية الاقتصادية: في جذب الاستثمارات وترويج الأردن كمركز لوجستي وسياحي.
- القوة الناعمة: ونعني بها استخدام أدوات الإعلام، التعليم، الحوار بين الأديان، والانفتاح الثقافي.
العبور الاردني الآمن لم يكن سهلًا، لكن القيادة الأردنية نجحت في الحفاظ على الأمن والاستقرار وتجاوز الأزمات دون الانخراط في المواجهة، فالحياد الايجابي وتوازن المواقف ، لم يكن يثنيه نحو إدارة الازمات الاقتصادية والانسانية ، والحفاظ على أمنه الداخلي، وهو ما يُعد أحد أبرز محطات الحنكة السياسية في تاريخ الأردن المعاصر . ( وللحديث بقية ) .