رغم مكانتها الفريدة كواحدة من عجائب الدنيا السبع، وكونها إرثاً نابطياً خالداً ومسجلاً على قائمة التراث العالمي، تعاني مدينة البترا من تحديات متراكمة، انعكست على أدائها السياحي وتراجع أرقام الزوار ومعدلات الإقامة والإنفاق. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من مختلف الجهات، إلا أن المدينة ما زالت تبحث عن حلول مبتكرة تليق بمكانتها، وتنقلها من حالة الجمود إلى ديناميكية التنمية المستدامة.

وفي هذا السياق، برزت مجموعة من المقترحات الجريئة التي تُعد بمثابة مفاتيح عملية لإعادة الروح إلى المدينة الوردية، من خلال تنويع المنتج السياحي، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وتحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث وتمكين المجتمع.

مفاتيح النهوض السياحي في البترا:

1. تطوير منطقة "البيضاء" كنقطة جذب سياحي موازية للبترا
عبر إقامة بنية تحتية سياحية متكاملة تشمل مخيمات بيئية، مسارات مشي، ومرافق خدمية، على غرار ما هو معمول به في وادي رم، بهدف تخفيف الضغط عن قلب المدينة الأثرية، وتنويع الخيارات أمام الزوار.

2. تنظيم مهرجانات غنائية وثقافية موسمية
بالشراكة مع الجهات الرسمية، يتم إطلاق فعاليات تستهدف السياحة الداخلية والعربية، وتعكس التراث المحلي بأسلوب معاصر يلبي تطلعات الأجيال الجديدة.

3. إنشاء مدينة مائية ترفيهية عائلية
تقع على أطراف الإقليم، وتكون موجهة للعائلات الأردنية والزوار المحليين، مما يزيد من معدل الإقامة، ويوسع نطاق الإنفاق السياحي في المنطقة.

4. تطوير سياحة الكهوف والمغامرة
من خلال تجهيز كهوف النبي هارون وجبل الشرارة بمسارات وإضاءة آمنة، وتدريب مرشدين متخصصين، ما يفتح المجال أمام منتج سياحي جديد وجاذب لعشاق الطبيعة والمغامرة.

5. التركيز على السياحة الدينية المسيحية
بتطوير البنية التحتية حول مواقع مثل جبل هارون وعين موسى، ودمجها ضمن المسارات المعتمدة للحج المسيحي، خصوصاً للزوار القادمين من أوروبا وأمريكا اللاتينية.

6. تعديل سياسة الأسعار للزوار المحليين
عبر تقديم تذاكر مدعومة أو نظام اشتراك سنوي خاص بالأردنيين، مما يشجع على تكرار الزيارة، ويعزز الشعور بالانتماء لهذا الإرث الوطني.

7. تمكين المكاتب السياحية المحلية من التسويق المباشر
عبر بناء قدراتها الرقمية، وتوفير أدوات للحجز والترويج الإلكتروني، لتقليل الاعتماد على الوسطاء في الدول المجاورة، وزيادة قدرة الشركات المحلية على المنافسة.

8. تنفيذ مشروع "تلفريك البترا" بامتداد مدروس
يربط مركز الزوار بنقاط محددة في محيط المدينة الأثرية دون المساس بالقيمة التراثية، مما يحسن تجربة الزائر، ويدعم كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

9. إعادة هيكلة الديون والضرائب على المنشآت السياحية
عبر جدولة القروض، وتقديم إعفاءات أو حوافز للمنشآت التي توظف أبناء المجتمع المحلي، وتلتزم بتطوير خدماتها السياحية.

10. تأسيس صندوق تنموي خاص بالبترا

بتمويل مشترك من الحكومة، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية، لدعم المشاريع الصغيرة، وتمويل المبادرات الشبابية، وترميم البيوت التراثية وتحويلها إلى نُزل بيئية أو مراكز للحرف اليدوية.

11. بناء شراكات مع مؤسسات التراث والتنمية العالمية

عبر تفعيل التواصل مع جهات مثل اليونسكو، والإيكوموس، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، والبنك الدولي، لاستقطاب الدعم الفني، والخبرات المتقدمة، والتمويل الضروري لحماية الإرث الثقافي وتطوير البنية السياحية المستدامة

البترا بحاجة إلى قرار شجاع

تعكس هذه المقترحات حاجة البترا إلى قرار وطني شجاع يعيد ترتيب الأولويات، ويضع المدينة على مسار التنمية الذكية، لا سيما في ظل المنافسة الإقليمية وضرورة رفع جودة التجربة السياحية. فالسياحة في البترا لم تعد قضية عدد زوار فقط، بل هي اختبار لقدرتنا على تحويل كنوزنا التاريخية إلى محركات للنمو الاقتصادي، ومصادر للفخر الوطني.