facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أبعاد العمل الدبلوماسي في جامعة الدول العربية


السفير الدكتور موفق العجلوني
28-07-2025 12:31 PM

يشكّل العمل في جامعة الدول العربية، أو ما يُعرف بـ"بيت العرب"، تجربة دبلوماسية فريدة تجمع بين البُعد الثقافي والتنوع السياسي في كيانٍ إقليمي يحمل عبء التحديات ويطمح إلى مستقبل عربي مشترك. وفي مقالها المنشور في عمون الغراء يوم أمس بعنوان "العمل في بيت العرب: دروس في الدبلوماسية والحساسية الثقافية", قدّمت الدكتورة هيفاء أبو غزالة رؤية تأملية وتحليلية حول خصوصية العمل داخل هذه المؤسسة الإقليمية، منطلقة من خبرتها الواسعة في العمل العربي المشترك والدبلوماسية متعددة الأطراف.

استعرضت بدايةً الدكتور أبو غزالة خصوصية العمل داخل الجامعة من خلال موقعها، مؤكدة أن الانخراط في هذا الكيان لا يُعد مجرد وظيفة تقليدية، بل رسالة ومسؤولية أخلاقية وسياسية تجاه تعزيز التضامن العربي وصياغة خطاب جماعي يعكس تطلعات الشعوب العربية. وتسلّط الضوء على أن التفاعل اليومي مع السفراء والمندوبين الدائمين، فضلاً عن التنسيق مع منظمات أممية وإقليمية، يُشكّل تدريبًا مستمرًا على المهارات الدبلوماسية والحساسية الثقافية.

تشير الدكتورة أبو غزالة إلى أن التنوع داخل الجامعة، وإن كان مصدر غنى وتكامل، إلا أنه يفرض تحديات دقيقة تتعلق بفهم التباينات في السياقات الوطنية والثقافية للدول الأعضاء، الأمر الذي يتطلّب من موظفي الأمانة العامة تمتعًا بدرجة عالية من الوعي السياسي والحساسية في التواصل.

يُحسب للدكتورة أبو غزالة اعتمادها على مقاربة متزنة في وصف واقع الجامعة. ففي حين تُواجه جامعة الدول العربية انتقادات بشأن فعاليتها أو قدرتها على التأثير في الأزمات، تؤكد على أهمية استمرار العمل تحت سقف الجامعة، معتبرة أن الدعوة لإغلاق "بيت العرب" بحجة قصور الأداء لا تصب في مصلحة المصير العربي المشترك. وتُقدّم الجامعة باعتبارها فضاءً للحوار ومنصة استراتيجية لبناء التفاهمات، مهما بلغت حدة الخلافات.

تُبرز الدكتورة أبو غزالة في عرضها التنظيمي للجامعة أهمية التنسيق المؤسسي بين مجلس الجامعة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، موضحة أن هذه المجالس تُشكل الإطار الحاكم لصياغة السياسات والقرارات المشتركة، من خلال بروتوكولات تنظيمية تضمن الشفافية والالتزام. وهنا يبرز البعد المؤسسي الذي كثيرًا ما يُغفل في التناول الإعلامي العام للجامعة.

رغم عمق الطرح الإنساني والدبلوماسي في المقال، إلا أنني كدبلوماسي مخضرم لاحظت غيابًا للأمثلة التطبيقية التي كان من الممكن أن تُثري المحتوى وتعكس تجارب حقيقية من داخل أروقة الجامعة. كما أن تكرار بعض المفاهيم، كأهمية الحساسية الثقافية، لم يُقترن بتوضيحات كافية لآليات التعامل العملي مع تلك الفروقات. وكان من الممكن أن يتضمن المقال أيضًا إشارات صريحة إلى بعض التحديات المؤسسية التي تعرقل التقدم، كآليات اتخاذ القرار بالإجماع أو ضعف إلزامية القرارات.

ورغم أن المقال لم يُخصص فقرات واضحة للدور الأردني، إلا أن شخصية الدكتورة أبو غزالة ذاتها، – وهي أردنية اصيلة، وكانت تشغل منصب الأمين العام المساعد للجامعة الول العربية – تُجسّد الحضور الأردني الفاعل في العمل العربي المشترك. ويُعد الأردن من الدول التي التزمت دائمًا بمبدأ الاعتدال، وحرصت على تعزيز العمل العربي المؤسسي، خصوصًا في الملفات ذات البعد الإنساني، والتنمية، والحقوق، فضلًا عن الموقف الثابت من القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

لقد شارك الأردن باستمرار في اللجان العربية المختلفة، وأسهم في بناء الجسور بين الفرقاء العرب في أوقات الأزمات. كما يُنظر إلى الأردن كصوت حكيم يدعو إلى تغليب الحوار وتحييد الخلافات البينية، وهي سياسة تنسجم تمامًا مع جوهر الدعوة التي حملها المقال.

وفي هذا المقام ، يشكّل أمجد العضايلة أحد الوجوه الدبلوماسية الأردنية البارزة التي تمثل المملكة الأردنية الهاشمية بثقة واتزان في المحافل الإقليمية، ويؤدي اليوم دورًا محوريًا كمندوب دائم لدى جامعة الدول العربية. ويتميّز أداؤه برؤية متزنة تجمع بين الهدوء السياسي والحزم المبدئي، ما يعكس نهج الأردن الثابت في دعم التضامن العربي، والدعوة إلى الحوار وتغليب الحلول الدبلوماسية. ومن خلال مشاركاته المتكررة في اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى المندوبين والوزراء، حيث يحرص العضايلة على المواقف التالية:

تأكيد الموقف الأردني الثابت من القضايا العربية المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

الدفاع عن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية انطلاقًا من الوصاية الهاشمية التاريخية.

الدعوة إلى تفعيل آليات العمل العربي المشترك وتعزيز الأداء المؤسسي للجامعة.

طرح مداخلات موضوعية تتسم بالرصانة السياسية والدبلوماسية الهادئة، بعيدًا عن الانفعال، ما يجعله محل احترام بين نظرائه من مختلف الدول العربية.

ولا يخفى على أحد، أن أسلوب العضايلة يجمع بين الخبرة الإعلامية والاحتراف الدبلوماسي، نظرًا لتاريخه السياسي: مدير الدائرة الإعلامية في الديوان الملكي، ووزير إعلام، وسفير سابق، مما يُسهم في إيصال الرسائل الأردنية بفعالية، ويعكس صورة الأردن كدولة محورية تنأى بنفسها عن الاستقطابات وتحرص على بناء الجسور بين الفرقاء.

كنت أتمنى أن يتضمّن مقال الدكتورة أبو غزالة، والتي أكن لها كل تقدير واحترام، إشارة مباشرة إلى هذا الدور الذي يمثّل نموذجًا ناجحًا للدبلوماسية العربية الهادئة والمنتجة، خاصة أن الأردن يواصل، عبر ممثليه، أداء دوره التاريخي والحديث كطرف موثوق يسعى إلى تقوية بنية العمل العربي المشترك، لا سيّما في اللحظات الإقليمية الحرجة.

يُعد مقال الدكتورة أبو غزالة وثيقة فكرية مهمة تُبرز القيمة الرمزية والوظيفية لجامعة الدول العربية، وتُعيد التذكير بأن العمل داخل هذا الكيان يتطلب مهارات دبلوماسية رفيعة، وروحًا عربية أصيلة تؤمن بجدوى الحوار والتكامل. وإذا كان ثمة من نداء بين سطور هذا المقال، فهو دعوة للاستثمار في الجوانب الإنسانية والثقافية للعمل الدبلوماسي، إلى جانب السعي لتطوير الآليات المؤسسية التي تضمن تفعيل قرارات الجامعة وتحقيق تطلعات شعوبها. ولا ننسى ان مسيرتنا الديبلوماسية التي نسير عليها هو الطريق الذي رسمه لنا جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، والذي يشهد له العالم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :