facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أدب المقاومة: من سيوف الفتح إلى أقلام النهضة (ج1)


د. بركات النمر العبادي
28-07-2025 11:22 PM

منذ أن خطَّ الإنسان أولى حروفه، كانت المقاومة في جوهر كل سرد وحكاية، وكل نغمة شعرية تدوي في أرجاء الصحراء أو في زوايا المدن الجريحة، ولعلَّ أدب المقاومة لم يكن يومًا محضَ ترفٍ لغوي، بل كان ولا يزال نداء الأرض ، وصرخة الكرامة، ومرايا الشعوب في لحظات التحدي والنهضة، و يُعدُّ "أدب المقاومة" أحد أبرز ملامح الأدب العربي عبر العصور، إذ لم يكن محضَ انعكاسٍ للواقع السياسي والاجتماعي، بل كان أداةً فاعلة في صياغة الوعي الجمعي وبناء الهوية الثقافية للأمم ، و منذ البدايات الأولى للإسلام ، حين امتزج السيف بالكلمة ، إلى عصرنا الحديث الذي شهد مقاومات فكرية وشعبية في وجه الاستعمار والاحتلال ، ظل هذا اللون الأدبي منبرًا للأحرار وسلاحًا للمقهورين، وينطلق هذا المقال من تتبّع جذور "أدب المقاومة" في صدر الإسلام ، حيث الشعراء أمثال حسّان بن ثابت وكعب بن مالك ، واذاما انتقلنا إلى العصر الحديث مع شعراء مثل درويش والقاسم ، ليُبرز كيف تحوّلت الوقائع البطولية إلى نصوص أدبية خالدة ، وكيف شكّل هذا الأدب محورًا في بناء القيم وترسيخ الثبات والانتماء في وجدان الأجيال.

في صدر الإسلام، تفتحت بذور أدب المقاومة مع أول غزوة خاضها المسلمون في بدر الكبرى، حين التحمت الكلمة مع السيف ، والشاعر مع المجاهد ، كانت القصائد تحرّض، وتثبت القلوب ، وتُخلّد الوقائع وقد تجلّى هذا في شعر حسّان بن ثابت ، الذي لم يكتفِ بمدح الرسول ﷺ ، بل جعل من شعره درعًا يردُّ به على هجاء الكفار، فيقول:
"هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنهُ وعند الله في ذاكَ الجزاءُ"

كما خُلّدت أيام أحد والخندق وحنين في أناشيد الفخر، حيث يُذكر فيها الشهداء والبطولات لا كأحداث ، بل كقيم: الإيثار، الصبر، والحق ،ومن الغزوات إلى الفتوحات : السرد الشعري للكرامة ، فقد امتد هذا الأدب مع اتساع الدولة الإسلامية ، فصارت واقعة اليرموك والقادسية والنهروان موضوعًا لقصائد تحتفي بـ:

• بسالة القادة كـ خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص
• وبصبر الجند الذين حملوا لواء الحق أمام أعتى الجيوش
فصار الشعر أرشيفًا روحيًا يُردد في المجالس، ويُروى للأجيال كأنهم شهود على الواقعة.

أما عن الأدب الحديث: من الرمح إلى القلم ، لم يتوقف أدب المقاومة عند السيوف، بل استمر في العصر الحديث بأقلام تعانق البندقية:
• محمود درويش جعل من الأرض "أمًا"، ومن القصيدة "هويةً"
• سميح القاسم صدح بالحق وسط الظلم:
"تقدّموا... تقدّموا، كل سماء فوقكم جهنمُ"
• وغسان كنفاني روى المقاومة لا في القصائد فقط، بل في السرد القصصي، إذ قال:
"إن قضيتنا ليست رمادًا بل نارًا مشتعلة"

أصبح الشعر والنثر حارسًا للكرامة والذاكرة العربية و الفلسطينية ، وصار يُردّد في المدارس كما يُردَّد في الخنادق.

لقد تبنى الإنسان ، إن أدب المقاومة ليس مجرد شعر يُقال في المناسبات، بل هو:

• منظومة تربوية تغرس في النشء معاني الشرف والوفاء والصبر
• وسيلة للبقاء والهوية حين تتآكل الأوطان تحت ركام النسيان
• صوت من لا صوت له، حين يعجز الرصاص عن النطق، تتكلم القصيدة

اذن علينا أن نُعيد هذا الأدب إلى مناهجنا ووعينا، لا كأدب حرب ، بل كأدب قيم ومبادئ وتاريخ حي، يُعيد ربط الأجيال بأرضهم، بلغتهم، بل يعيد جذورهم لتغرس في اوطانهم من جديد وتجدد الولاء و الانتماء للوطن وربطها ببطولات جدودهم.

حمى الله الاردن وسدد على طريق الحق خطى قيادته وشعبه.

* النائب السابق/ المحامي د. بركات النمر العبادي .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :