زلزال كامتشاتكا .. ظاهرة جيولوجية طبيعية لا علاقة لها بمشروع هارب!
د. ثابت المومني
01-08-2025 01:10 AM
في ساعات الصباح الأولى من يوم الإثنين 29 تموز 2025، وقع زلزال عنيف بلغت قوته 8.8 درجة على مقياس ريختر قبالة سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى الشرق الروسي، وعلى عمق يُقدّر بـ62 كيلومترًا تحت قاع المحيط الهادئ. هذا الزلزال النادر أثار حالة طوارئ إقليمية شملت اليابان وهاواي وكاليفورنيا، نظرًا لاحتمال حدوث تسونامي واسع التأثير.
ورغم أن مركز الزلزال يقع في منطقة غير مأهولة نسبيًا، إلا أن المخاوف تركزت على موجات التسونامي التي قد تتولد عنه وتضرب سواحل بعيدة بسرعة هائلة، وهو ما استدعى تفعيل أنظمة الإنذار المبكر في عدد من الدول.*
وقبل نحو عام، سجلت محطات الرصد الزلزالي عدة هزات خفيفة في ولاية ألاسكا، قرب موقع مشروع "هارب"، وقد أشرنا في مقال سابق إلى أهمية مراقبة تلك الاهتزازات، وطرحنا تساؤلات علمية حول ما إذا كان لها أن تحفز نشاطًا محيطًا بحزام المحيط الهادي الناري. *إلا أننا أكدنا حينها ونؤكد اليوم أن مشروع هارب لا يمتلك من حيث المبدأ أو القدرة الفيزيائية أي تأثير على الصفائح التكتونية، وأن الربط بينه وبين هذا النوع من الزلازل الكبيرة لا يستند إلى أي أساس علمي، بل إلى اجتهادات غير موثقة علميًا.
جيولوجيًا، تُعد كامتشاتكا من أكثر مناطق الأرض نشاطًا زلزاليًا، إذ تقع ضمن نطاق "حلقة النار" في المحيط الهادئ، حيث تندس صفيحة المحيط الهادئ تحت الصفيحة الأوراسية، مما يؤدي إلى تراكم إجهادات كبيرة في الصخور ضمن نطاق الاندساس بين الصفيحتين، تنفجر أحيانًا على شكل زلازل مدمّرة. وهذا ما يجعل زلزال كامتشاتكا مفهومًا ضمن السياق التكتوني دون الحاجة لتفسيرات خارجة عن العلم.
ومن المهم الإشارة إلى أن الزلازل التي تتجاوز شدتها 8 درجات تُعد نادرة نسبيًا عالميًا، إذ لا تسجل البشرية في كل عقد سوى عدد محدود من هذه الزلازل، لكنها تُصنّف ضمن الفئة التي تستوجب أقصى درجات الحذر والاستعداد، لما قد تُحدثه من دمار وتسونامي، حتى لو لم تقع فوق مناطق مأهولة مباشرة.
لكن السؤال الأهم والأكثر قلقًا في الأوساط العلمية:* هل تؤثر هذه الحركة التكتونية على الوضع التكتوني على طول صدع سان أندرياس ومحيطه اي في الجهه المقابله من المحيط؟.
هل من الممكن أن يُحفز هذا الزلزال العنيف نشاطًا زلزاليًا في سواحل كاليفورنيا، وخصوصًا في منطقة صدع سان أندرياس الشهير؟.
هذا السيناريو، وإن كان غير شائع، إلا أنه مطروح في أدبيات علم الزلازل، خصوصًا إذا كانت مناطق التماس مشحونة أصلًا بالطاقة الكامنة خصوصا اذا ما علمنا بان اخر زلزال مدمر وقع على طول سبع سان اندرياس كان قد اتى على نصف مدينتي سان فرانسيسكو وتسبب في حريق النصف الاخر ناهيك عن الحاق اضرار كبيره في مدينه لوس انجلوس كان عام 1906 وحسب الدوره الزلزاليه في تلك المنطقه فانه من المرجح ان يحدث زلزال في تلك المناطق في اي لحظه . ولهذا فإن الحاجة إلى المراقبة الدقيقة في سواحل أمريكا الشمالية تبقى ضرورية في الأيام والأسابيع القادمة، تحسّبًا لأي مفاجآت.
خلاصة القول.. إن الزلزال الذي ضرب كامتشاتكا هو حدث طبيعي ناتج عن حركة الصفائح في منطقة معروفة بنشاطها، ولا علاقة له بأي تجارب بشرية، بما في ذلك مشروع هارب. والمطلوب اليوم هو نشر الوعي العلمي، وترك المجال للعلماء والمراكز المتخصصة لرصد التبعات، بدل الانجرار وراء نظريات غير مثبتة.