علاقات أردنية صينية متميزة تتجلى في الذكرى الـ 98 لتأسيس الجيش الصيني
السفير الدكتور موفق العجلوني
02-08-2025 11:02 AM
شهدت العاصمة عمّان في الأسبوع الماضي احتفالاً مميزاً بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، والذي نظمته السفارة الصينية ممثلاً بالملحق العسكري العميد لي بنجفي ، وقد شكّل هذا الحدث حقيقة فرصة لتسليط الضوء على عمق العلاقات الأردنية الصينية، خاصة في المجالات العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى استعراض مواقف الصين من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، بما في ذلك دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية.
و قد القى الملحق العسكري كلمة عبر فيها عن شكر وتقديره للقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية والوزارات الحكومية على دعمهم المستمر وتعزيزهم للعلاقات الثنائية بين الأردن و الصين، مما يعكس الاحترام المتبادل والروابط القوية بين البلدين. وأكد أن جيش التحرير الشعبي الصيني، منذ تأسيسه في عام 1927، لعب دوراً محورياً في حماية سيادة الصين وتعزيز السلم العالمي، مشيراً إلى تطلعات الجيش للوصول إلى مستوى عالمي بحلول عام 2027.
بنفس الوقت أشار إلى التحديات العالمية المعاصرة، حيث أكد على موقف الصين الداعي إلى الوحدة والتعاون العالمي في مواجهة السياسات الأحادية والهيمنة الدولية، مشدداً على أهمية بناء مجتمع بمستقبل مشترك للبشرية، وهو مفهوم طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ كإطار للتعاون الدولي.
من جهة أخرى أعرب عن تقدير الصين للجهود الإنسانية التي تبذلها المملكة الأردنية الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وخاصة في تقديم المساعدات لأهالي غزة في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة هناك. وأكد على مبدأ حل الدولتين كحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى التزام الصين بدعم هذا التوجه والعمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الأردن. وترى الصين في الأردن شريكاً أساسياً في تعزيز الأمن الإقليمي والتعاون العسكري، وهو ما يترجم عبر تبادل الخبرات والتدريبات والتعاون الثنائي المستمر.
لا يمكن الحديث عن متانة العلاقات الأردنية الصينية دون الإشادة بالدور المهم والمستمر الذي تلعبه السفارة الصينية في الأردن وخاصة سفراء جمهورية الصين الشعبية المتعاقبون في الأردن حيث ربطتني بهم علاقة خاصة و على رأسهم سعادة تشن تشوان دونغ الذى تم تعينه سفيراً مؤخراً في لبنان. فقد حرص على تعميق أواصر التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو العسكرية. وقد تمكّن من خلال تواصله المستمر مع مؤسسات الدولة الأردنية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، من تعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين، وترسيخ مبادئ الشراكة والاحترام المتبادل. لقد لعبت السفارة الصينية في عمان، عبر بعثتها الدبلوماسية النشطة، دوراً محورياً في توسيع مجالات التعاون، خاصة في مجالات الاستثمار: التعليم، والتكنولوجيا، والطاقة، ما جعل الصين أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للأردن في السنوات الأخيرة. هذا الانفتاح والتقارب بين البلدين ما كان له أن يتحقق بهذا الزخم لولا العمل الدؤوب والاحترافي الذي قام به السفراء والدبلوماسيون الصينيون على مدى العقود الماضية. ولا ننسى حقيقة الدور الذي ايضاً لعبه سفراؤنا الاردنيون الذين خدموا في الصين والذين كان لهم دور هام في تعزيز العلاقات بين البلدين. و قد تشرفت في زيارة الصين عندما ترأست وفد الأردن لمنتدى التعاون العربي الصيني ، و ما شاهدت حقيقة في الصين و خاصة العاصمة بكين من تقدم و رقي حضاري يفوق الخيال .
يمثل التعاون العسكري بين الأردن والصين نموذجاً للعلاقات المتوازنة التي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. فإلى جانب التنسيق الأمني، تواصل الدولتان تعزيز التعاون في مجالات التدريب المشترك، وتبادل الزيارات العسكرية، وبناء القدرات الدفاعية، ما يعزز من قدرة الجانبين على مواجهة التحديات الأمنية المعاصرة.
جاء احتفال بالذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني ليعكس ليس فقط فخر الصين بمؤسستها العسكرية، بل أيضاً التزامها بتعميق علاقاتها مع الدول الصديقة، وعلى رأسها الأردن. فالعلاقات الأردنية الصينية، التي تتسم بالتوازن والاحترام، باتت اليوم حجر أساس في بناء تعاون استراتيجي طويل الأمد، يهدف إلى تحقيق السلام الإقليمي والتنمية المستدامة، في عالم يمر بتحولات متسارعة وتحديات معقدة. وإنّ الجهود المتواصلة لسفراء الصين في عمان، إلى جانب حرص القيادتين الأردنية والصينية على تطوير هذه الشراكة، تبشر بمستقبل أكثر تعاوناً وشمولاً بين البلدين الصديقين.