رحم الله الزمن الجميل في العمل الصحفي
شفيق عبيدات
05-08-2025 12:57 PM
كان العمل الصحفي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وفي زمن الأحكام العرفية التي اضطرّ أردننا، بقيادته ومسؤوليه، إلى اتخاذ قرار تطبيق هذه الأحكام، شيقاً وجميلاً ومتعباً، إلا أنه كان ممتعاً في كل لحظاته وساعاته وأيامه. وعلى الرغم من المشقة والتعب، كان المندوب الصحفي يفرح كثيراً عندما يحصل على "الغلّة" من الأخبار التي يجمعها من "مناطقه الإخبارية" من وزارات ودوائر مختلفة، وكان فرحه أشدّ عندما تُنشر أخباره في الصحف الورقية أو في وكالة الأنباء الأردنية، أو أن تتم إذاعتها من خلال الإذاعة والتلفزيون.
لم يكن المندوب الصحفي في الصحف أو وكالة الأنباء الأردنية أو أية وسيلة إعلامية يملك إلا القلم والورق الذي يدون عليه المعلومات التي يحصل عليها من مناطقه الإخبارية. صحيح أنه كان عملاً شاقاً ومتعباً؛ إذ لم يكن المندوب الصحفي يملك لا سيارة ولا هاتفاً خلوياً، فكان يستخدم قدميه في السعي إلى مناطقه الإخبارية، أو إذا توفر لديه أجرة سيارة السرفيس العمومي ليصل إلى أقرب نقطة من مناطقه الإخبارية، ليعود بها إلى مؤسسته الصحفية لنشرها بموافقة رئيس أو مدير التحرير في المؤسسة، وتُنشر في اليوم التالي، حيث تشكل جرعة إخبارية للمواطنين والمسؤولين في مختلف مواقعهم.
ما أروع ذلك الزمن الجميل من العمل الصحفي، على الرغم من الأحكام العرفية آنذاك. لم أشعر أنا وزملاؤي في العقدين المذكورين (السبعينيات والثمانينيات) أننا تعرضنا للمساءلة أو فُرض علينا قيود من أية جهة مسؤولة مهما كانت، إلا ما ندر، فيما لو كانت المادة الصحفية التي يحضرها المندوب الصحفي لها مساس بأمن الدولة سياسياً أو اقتصادياً أو أية قضايا مجتمعية. وكانت أغلب الحكومات والقيادة الهاشمية حليمة، تعفو عمن يتجاوز حدود النشر.
ما أروع ذلك الزمن الجميل في العمل الصحفي، حيث لم أتذكر أن أية جهة فرضت إجراءات، إلا دائرة المطبوعات والنشر التي كانت ترسل مراقبين لمراقبة الأخبار قبل نشرها في الصحف، خوفاً من نشر مادة حساسة تسيء لقضية سياسية أو اقتصادية. وكان هدف الدائرة أن يتحمل المسؤولية في النشر هو المراقب فيما يُنشر في الصحف. إلا أننا اليوم، وفي هذا الزمان، نلاحظ صدور تعليمات قد تعيق عمل المؤسسات الصحفية والإعلامية وتؤخر نشر المادة الإعلامية أو إذاعتها، وبذلك يلجأ المواطن إلى متابعة ما يُنشر أو يُذاع في مؤسساتنا الوطنية عبر وسائل إعلام أخرى لمتابعة الحدث أو القضية، وقد تكون المعلومات في تلك الوسائل الأجنبية غير دقيقة، وهذا ليس في مصلحة الوطن.