facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين التغيير والتدوير .. تعديلات حكومية للتوزير!


د. ثابت المومني
06-08-2025 01:38 AM

في كل مرة يلوّح فيها التعديل الوزاري في الأفق، يتكرر المشهد ذاته.. ترقب شعبي، تكهنات إعلامية، ثم خيبة جديدة تُضاف إلى رصيد الخيبات المتراكمة.

فما كان يُفترض أن يكون محطة تصحيح للمسار التنفيذي، بات أقرب إلى طقس بروتوكولي لا يحمل من التغيير إلا اسمه، ولا من الأمل إلا ظلّه، فالتعديلات الحكوميه باتت استحقاق وكانه للتوزير لا اكثر!.

المشكلة لا تكمن في الأشخاص بقدر ما تكمن في المنهجية التي تحكم تشكيل الحكومات. فما تزال الصيغة الغالبة تعتمد على اعتبارات ضيقة، ترتكز إلى توازنات جغرافية، ومحاصصات وظيفية، ومجاملات نخبوية، وانطباعات شخصية، في مقابل تغييب واضح للكفاءة والبرنامج.

كتب التكليف السامية التي تُشكّل الإطار المرجعي لكل حكومة ما تزال تفيض بالمضامين الإصلاحية والرؤى الاستراتيجية الواعدة، لكنها كثيرًا ما تبقى حبيسة الورق، ويغيب التطبيق، وتتآكل الثقة، ويتحول المشروع الوطني إلى حالة انتظار دائمة.

ما عهدناه في حكوماتنا المتعاقبه انها لا تسمع إلا إلى صدى صوتها، ولا تنصت للرأي العام أو للخبراء أو لصوت العقل الوطني.

تغيب عن هذه الحكومات آليات الحوار والمكاشفة والمساءلة، وتكتفي بخطابات متكررة لا تبني شيئًا على الأرض ، إنها تفتقر إلى الخطط الواقعية القابلة للتطبيق، وإلى البرامج المبنية على بيانات دقيقة وقراءة عميقة لاحتياجات الناس والوطن.

النتائج واضحة على الأرض، فالمواطن الأردني يلمس كل يوم أثر هذا الغياب في تفاصيل حياته.

أسعار السلع الأساسية تشهد تضخمًا متزايدًا دون رقابة فاعلة، فيما تغيب السياسات الجادة لحماية المستهلك.
المشاريع التنموية في المحافظات إما متعثرة أو متوقفة، رغم كل الشعارات حول التمكين واللامركزية.
نسب البطالة بين الشباب والخريجين تتصاعد، ولا توجد رؤية اقتصادية قادرة على استيعاب هذه الطاقات أو تحفيز الاستثمار المنتج.

في الوقت ذاته، تتفاقم المديونية العامة، وتتآكل القدرة الشرائية للمواطن، في ظل حكومات ما تزال تتحدث عن استقرار اقتصادي لا يشعر به الا الحكومة .

كل ذلك يعكس ترديًا معيشيًا لم يعُد المواطن يحتمله، في حين تستمر الحكومات بإنتاج النهج ذاته، فتتكرر الأدوات والأساليب، ويتكرر الإنكار، وكأن شيئًا لم يكن.

وعندما تُطرح أفكار إصلاحية من ميدان الواقع، أو اقتراحات وطنية للنهوض الاقتصادي، فإنها تُقابل بالتجاهل أو التهميش، وكأنها تهديد لا نصيحة.

المواطن الأردني لم يعُد يطلب المستحيل. هو يبحث عن حكومة تُدير لا تُدار، تُحاسب لا تُحصّن، تُفكّر بمنطق الدولة لا بمنطق المرحلة ، حكومة تأتي ببرنامج معلن وواضح، يستند إلى مؤشرات أداء واقعية، ويخضع للمراجعة والمساءلة الدورية.

لكن الواقع يقول غير ذلك ، فالتعديلات الوزارية المتكررة لا تمس جوهر الأداء ولا تُقنع الشارع ولا تعكس مراجعة حقيقية.

تتبدل الأسماء وتبقى السياسات على حالها، وتغادر وجوه وتعود أخرى، والنهج هو ذاته بلا تجديد أو اجتراح للحلول.

لقد آن الأوان لأن نغادر مربع التجميل السياسي وندخل إلى فضاء الإصلاح الجاد.

فالتحديات التي يواجهها الأردن داخليًا وإقليميًا تتطلب إرادة سياسية صادقة، تتجاوز الإجراءات الشكلية نحو الفعل المؤسسي الحقيقي.

التعديل الذي ينتظره الأردنيون ليس في أسماء الوزراء، بل في الرؤية السياسية التي تدير الدولة، في آلية اتخاذ القرار، في احترام عقل المواطن، وفي بناء ثقة تقوم على المكاشفة والمحاسبة والنتائج. وإلى أن يحدث ذلك، ستبقى التعديلات الحكومية في نظر الشارع مجرد جولات تدوير بلا جدوى، وتبديلات شكلية بلا مضمون، ومرايا سياسية لا تعكس وجع الناس ولا طموحهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :