الامير تركي الفيصل يعري نتنياهو امام العالم
السفير الدكتور موفق العجلوني
16-08-2025 11:56 AM
في لقاء لافت ومؤثر، أطل سمو الأمير تركي الفيصل، الرئيس الأسبق لاستخبارات المملكة العربية السعودية، و سفير المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة سابقاً عبر شاشة CNN في مقابلة مع الإعلامية البارزة كريستيان أمانبور، ليقدم موقفًا سياسيًا جريئًا وصريحًا قلّ نظيره في الساحة الدولية، لا سيما من شخصية سعودية مرموقة بحجم ومكانة الأمير تركي الفيصل .
خلال اللقاء، وصف سمو الأمير تركي الفيصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مجنون تمامًا"، معتبرًا أن دافعه الأساسي للاستمرار في السلطة هو الهروب من المحاكمة والسجن، وليس المصلحة العامة أو أمن إسرائيل. هذه الكلمات لم تكن مجرد انتقاد سياسي، بل تشريح دقيق لذهنية نتنياهو وسلوكه السياسي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه يعمّق الأزمة في الشرق الأوسط، ويقوّض أي أمل في السلام من خلال سياساته العدوانية والمتطرفة.
ما يميز تصريحات سمو الأمير تركي في هذا اللقاء ليس فقط قوتها، بل توازنها المبني على خلفية دبلوماسية واستخباراتية عميقة. فالأمير، الذي يعرف دهاليز السياسة الدولية والإقليمية، لم يطلق هذه العبارات جزافًا، بل جاء نقده في سياق واقعي ومدروس، يعكس قلقًا سعوديًا وعربيًا واسلامياً مشروعًا من سياسات نتنياهو التي تتسم بالتهور والمقامرة السياسية على حساب دماء الأبرياء واستقرار المنطقة.
حقيقة يمثل اللقاء رسالة سعودية قوية للمجتمع الدولي بأن المملكة العربية السعودية لم ولن تقف متفرجة أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأنها تراقب عن كثب التحولات في المشهد الإسرائيلي وتدرك تمامًا حجم التلاعب الذي يمارسه نتنياهو للبقاء في السلطة. ويعكس أيضًا أن القيادة السعودية، حتى من خلال الشخصيات غير الرسمية، مستعدة للتعبير بصراحة عن موقفها الأخلاقي والسياسي تجاه ما يحدث في فلسطين والمنطقة.
ومن الجدير بالذكر أيضًا الإشادة بأسلوب سمو الأمير تركي في الطرح، الذي جمع بين الصراحة والشجاعة الدبلوماسية، دون الوقوع في فخ الشعارات أو الانفعالات. فقد استطاع أن ينقل موقفًا حازمًا بطريقة تحفظ للمملكة هيبتها وتُظهر في الوقت ذاته وضوح رؤيتها تجاه الخطر الحقيقي الذي يمثله نتنياهو على السلام العالمي.
لقاء سمو الأمير تركي الفيصل مع الاعلامية المشهورة كريستيان أمانبور يمثل نموذجًا مشرفًا للموقف العربي والإسلامي المسؤول والشجاع، ويعيد التأكيد على أهمية امتلاك خطاب سياسي صريح وواعٍ في مواجهة زيف الدعاية الإسرائيلية. لقد نجح الأمير في إيصال رسالة قوية للعالم: أن الحق لا يسكت عنه، حتى وإن طالت فصول الظلم.
ويجسّد حديث الأمير تركي الفيصل مع كريستيان أمانبور موقف المملكة العربية السعودية التاريخي والثابت من القضية الفلسطينية، حيث عبّر بوضوح عن رفض السعودية لممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واعتبر تعنته المستمر العقبة الأساسية أمام أي سلام عادل، مؤكدًا أن المبادرة العربية لا تزال مطروحة لكنها تُقابل بالتجاهل الإسرائيلي. هذا الموقف الراسخ وجد امتداده الطبيعي في تصريحات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أكد أن السعودية لا يمكن أن تقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل قبل التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وبين الموقفين تتجلى استمرارية السياسة السعودية القائمة على دعم الحقوق الفلسطينية، ورفض المساومة على مبادئ العدالة والسلام.
* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me