facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين الدعوة للأحكام العرفية .. وخيار الحكمة السياسية .. أيهما أنفع للأردن؟! ..


محمود الدباس - أبو الليث
17-08-2025 03:26 PM

فخاخ العدو.. لا تُواجه بالشعارات.. بل بالحسابات الباردة.. التي تحمي الداخل.. وتردع الخارج.. فالبيانات الحماسية حين تُلقى في زمن دقيق.. قد تثير العاطفة.. لكنها لا تصنع قراراً.. وقد تلهب المشاعر.. لكنها لا تبني إستراتيجية..

نحن أمام عدو يتقن فن استدراج خصومه إلى مربعات الغضب.. ويعرف كيف يفتح الفخ أمام مَن يقفز بأقصى ما عنده.. دون أن يقرأ طبيعة الأرض.. وهنا مكمن الخطورة.. أن نضع الدولة بكل ثقلها في معركة.. دون أن يكون التهديد قد بلغ حدّه الأقصى..

إعلان الأحكام العرفية.. أو تشكيل حكومة عسكرية.. أو تحويل الدولة إلى اقتصاد حرب.. ليست قرارات عابرة.. بل مفاصل كبرى في تاريخ الدول.. تُتخذ عندما لا يبقى بديل آخر.. حين يصبح الخطر يقينياً.. والتهديد وجودياً.. أما أن تكون مجرد رد فعل أمام خطاب.. أو مناورة.. فهذا قفز إلى قمة السلم دفعة واحدة.. دون المرور بدرجاته الطبيعية.. وهو ما لا يخدم الأردن.. ولا يضيف إلى قوته..

وهنا تكمن نقطة غاية في الحساسية.. إذ إن تحويل الدولة برمتها إلى اقتصاد حرب.. يعني تجفيف الاستثمار.. والخبز.. والدواء.. لصالح تعبئة طويلة المدى.. والكيان الصهيوني يبني خططه على جرّ الخصم إلى ميدان يختاره هو.. يفكك الجبهة الداخلية.. بالتعب.. والغلاء.. والمناكفات.. قبل أن يستهلكه بالنار.. وهنا خطورة إحلال الشعارات مكان الحسابات..

فالدولة الأردنية عبر تاريخها.. لم تتجنب الأزمات بالمصادفة.. بل بالحكمة والبرود في لحظة السخونة.. فهي تعرف قيمة التدرج في التصعيد.. وتدرك أن البدائل.. ليست محصورة بين الصمت والانفجار.. بل هناك مساحات واسعة لإدارة الصراع.. عبر تعزيز الدفاعات.. والتعبئة المدنية المدروسة.. والتصعيد الدبلوماسي المحسوب.. وربط كل خطوة بهدف محدد.. لا بمجرد استعراض الخطاب..

أما جيشنا العربي.. وأجهزتنا الأمنية.. فالعقيدة القتالية الراسخة فيهم.. لا تحتاج إلى بيانات لتذكيرنا بها.. فقد تربّوا على أن النفس رخيصة إذا ما جد الجِد.. وأن الأردن كلّه طيف واحد حين يهدده خطر.. وهذه عقيدة نلمسها في وجوه جنودنا.. وفي ذاكرة معاركنا.. من الكرامة إلى كل محطة وقف فيها الأردنيون كتفاً إلى كتف أمام العدو..

والشعب الأردني.. بجميع أطيافه.. ليس بحاجة لمن يزاود على وطنيته.. فهو أثبت في كل أزمة.. أن بوصلة انتمائه لا تحيد.. وأنه لن يقف مكتوفاً.. إذا ما تعرّض الوطن -لا قدّر الله- إلى خطر حقيقي.. لكنه في الوقت ذاته.. يعرف أن الخطاب الشعبوي.. أو العاطفي غير المحسوب.. قد يضعف الجبهة الداخلية أكثر مما يقويها.. وقد يخلق حالة من الهلع.. أو الارتباك.. يستفيد منها الطابور الخامس.. الذي يحذر منه مَن ينادون بذلك..

من هنا.. يصبح المطلوب اليوم.. ليس إعلان العرفي.. ولا إلغاء الاتفاقيات بضربة واحدة.. ولا تحويل كل مواردنا إلى المجهود الحربي فجأة..

بل أن نحافظ على خطاب الدولة في أعلى درجات الحكمة.. وأن نبقى نقرأ المشهد بكامل أبعاده.. وأن نُدير الموقف بطريقةٍ.. تضمن لنا الردع.. من دون أن ندفع أثماناً باهظة قبل أوانها..

الكيان الصهيوني قد يتوسع في خطابه.. وقد يلوّح بخياراته.. لكنه يعرف جيداً.. أن فتح جبهة مع الأردن ليس نزهة.. وأن وراء حدودنا جيشاً يعرف كيف يقاتل.. وأجهزة أمنية تحمي الداخل من أي اختراق.. وشعباً يلتف حول دولته وقيادته عندما يُمسّ الخطر.. لهذا فإن خيار العدو غالباً.. يكون الضغط غير المباشر.. ومحاولة إنهاكنا اقتصادياً.. أو سياسياً.. او إثارة القلاقل.. قبل أي مواجهة مفتوحة..

إن الدبلوماسية الأردنية.. طالما كانت درعاً إضافياً يحمي الوطن.. فهي تُراكم شبكة تحالفات.. وتستخدم القانون الدولي.. والسياسة الإقليمية.. لتخفيف الضغط.. وهذه أدوات.. لا تقل أهمية عن البندقية.. وقد جنّبتنا كثيراً من الأزمات.. وحافظت على أمننا.. في وقتٍ انهارت فيه حدود مَن حولنا..

ولنكن على يقين.. بأن العاطفة الوطنية مطلوبة.. لكن ترجمتها.. يجب أن تكون ضمن رؤية عقلانية متدرجة.. فالأردن لا يفتقد الشجاعة.. لكنه يمتلك ما هو أثمن.. يمتلك الحكمة.. التي تجنبه فخاخ العدو.. وتحافظ على تماسك جبهته الداخلية.. وتضمن أن أي خطوة يتخذها.. تكون محسوبة.. ومبنية على قراءة كاملة للمشهد..

عندها فقط.. نُثبت أن قوتنا ليست في صخب الشعارات.. بل في صلابة الدولة التي تعرف متى تلوّح.. ومتى تقرر.. ومتى تقاتل إذا ما فُرض القتال..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :