قرارات المجالس البلدية ومبدأ عدم الرجعية
د. سعود فلاح الحربي
18-08-2025 05:54 PM
لا شك ان قرار المجلس البلدي المستوفي لشروطه الكاملة يُعد من القرارات الادارية، التي يمكن الطعن بها امام القضاء الاداري، ولا مراء ان مبدا عدم رجعية القرارات الإدارية مبدا مستقر في الفقه والقضاء الاداري، والذي يعني ان القرار الاداري الصادر لا يمكن ان يسري على الماضي الا في حالات ضيقة، كإتاحة المشرع لصاحب الصلاحية بإصدار قرارات بأثر رجعي.
وجل القرارات الادارية الصادرة لها اثر فوري ومباشر من تاريخ صدورها، والاصل ان يسري اثر القرار الاداري على المستقبل لا على الماضي، إعمالا لفكرة الحقوق المكتسبه واستقرارا لمعاملات الافراد وتقيّدا بقواعد الاختصاص من حيث الزمان، مع ملاحظة أن مبدا عدم الرجعية للقرارات الإدارية من القواعد الآمرة ومؤدى ذلك ان جزاء مخالفتها بطلان القرار الاداري.
ولعل ما دعا لكتابه هذا المقال او التذكير بمبدا عدم الرجعية هو اصدار احدى بلديات محافظه المفرق بتاريخ 4 1 2024 قرارا يقضي بتوحيد رسوم عوائد التعبيد لعطاءات الشوارع التنظيمية المنجزة ما قبل عام 2015 قيمته دينار واحد للمتر تقديرا جزافيا، وقد سبب المجلس البلدي قراره هذا بعدم دفع تلك الرسوم لكافة العطاءات لعدم وجود قيود في ديوان البلدية لهذه العطاءات المنفذة ما قبل عام 2015 حتى وان كان الشارع معبدا ما قبل 30 سنه تاركا عبء اثبات دفع عوائد التعبيد على المواطن.
الاشكاليه ان المعاملات كافة التي تقدمها البلديه كمرفق عام تم ايقافها عن المواطنين الا بعد ان تدفع هذه الرسوم وقد تدفع للمره الثانية قد يدفعها مالكين جدد لقطع الأراضي على ذات القطعة مره ثالثة ورابعة.
تم مراجعة رئيس لجنة البلدية المؤقتة من عديد من المواطنين لايقاف هذا القرار العشوائي غير المتوافق وصحيح القانون فضلا عن ذلك غير مصدق من وزاره الاداره المحليه فلم يستجيب بحجة أن هذا قرار مجلس بلدي سابق ولا مناص من تطبيقه في حين تستطيع جهة الإدارة سحب قراراتها في أي وقت شاءت وهذا ليس عيبا.
ان ما حصل في هذه البلديه يُعد فضيحة قانونية بامتياز وخرقا لمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية من حيث الزمان، ويقع على كاهل وزاره الاداره المحليه تصويب الوضع القائم، فالقرار سبب غضبا عند المواطنين واستياء شديد واصبحوا مرغمين على دفع تلك المبالغ حتى لا تتوقف الخدمة التي هم بصدد تلقيها من البلدية.