تُقدِّم تصريحات الناطق الرسمي مادة دسمة للتأمل، ليس في محتواها الظاهر فحسب، بل في طبقاتها الخفية التي تكشف عن الكثير
عندما يصرح بأن نظام القرعة لاختيار المكلفين لخدمة العلم لن يستثني ابن وزير أو ابن غيره، وكأنه يقدّم لنا حكمة عظيمة لم يكتشفها أحد من قبل.

فإما ان الناطق يؤكد الصورة النمطية لتعالي ابناء المسؤولين والمحاسيب عن غيرهم من المواطنين، وإما انه يسعى للمزايدة والشعبوية فيغمز نحو ابناء المسؤولين متناسيا بأنهم مواطنون لا يجوز التمييز ضدهم.

ويبدو اننا امام تحول جذري سيغير اعتقادنا بأن الواجب يقع على عاتق الجميع بالتساوي، وأن الحقوق والمسؤوليات مرتبطة ببعضها ارتباطًا وثيقًا ...

فالناطق الحكومي أوحى الينا بان واجب خدمة العلم سيندرج في خانة اليانصيب او القرعة العشوائية ، فكيف يمكن أن يُصبح الواجب الوطني مجرد مسألة حظ؟ وكيف يمكن أن تكون قرعة كهذه عادلة؟ و هل يحق لنا - مثلا- ان نختار من سيحصل على التعليم أو الرعاية الصحية عبر القرعة؟!

هذا الحديث لا يتسق مع صحيح الدستور الذي ساوىٰ بين الاردنيين في الحقوق والواجبات ، فلم نسمع عن اداة لتطبيق القانون اسمها "قرعه" ، ام انها وسيلة جديدة لاقناعنا بأن القانون لا يطبق على الجميع بالتساوي؟!

ليت ناطقنا الحكومي تحلّى بالاختصار ، واكتفى بالقول إن القانون سيطبق على الجميع دون تمييز ، وليته أنفق المزيد من الوقت لاقناعنا بشرعية الواجب العشوائي واين ذكرت القرعة في بند الحقوق والواجبات ، ومتى كان يُترك معيار الواجب للصدفة او للقرعة العشوائية .

خدمة العلم فكرة جميلة أيّا كانت حلّتها الجديد ، و يبدوا ان إخراج الحكومة لهذا التوجه لا يرتقي الى الطموح المنشود .