facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأحزاب من الكثرة إلى التكتل: إصلاح قانون الانتخاب


م. عدنان السواعير
19-08-2025 08:09 PM

يُعتبر تعدد الأحزاب في أي نظام ديمقراطي أمرًا طبيعيًا، بل صحيًا، إذ يُمكّن المواطنين من الاختيار بين أفكار وتوجهات متعددة. لكن في الأردن، كما في العديد من الدول النامية ديمقراطيًا، يتعثر هذا التعدد بسبب تشرذم الأحزاب وضعف التحالفات، ما يجعل من الصعب تكوين جبهة سياسية متماسكة قادرة على التأثير الفعّال في صياغة السياسات العامة. ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى إصلاح قانون الانتخاب ليُسهم في تيسير التحالفات بين الأحزاب المتشابهة، وتوجيه الحياة الحزبية نحو التكتلات المنطقية القادرة على تقديم برامج انتخابية مؤثرة.

النموذج الأوروبي: تحالفات بنّاءة رغم التعدد

في الدول الأوروبية والديمقراطيات الراسخة، يُعد تعدد الأحزاب أمرًا شائعًا. ففي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، يوجد عدد كبير من الأحزاب، لكن ما يميز تلك النظم هو قدرتها على تحويل هذا التعدد إلى تحالفات استراتيجية بين قوى اليسار الوسط أو اليمين الوسط. هذه التحالفات ليست مجرد تجمعات شكلية، بل هي تنظيمات متكاملة تستفيد من التنوع وتضمن تمثيلًا عادلًا لمختلف الفئات الاجتماعية والسياسية.

الأحزاب هناك تعمل وفق نظام قانوني مدروس يشجع على التحالفات، سواء عبر نظام القوائم المشتركة أو من خلال الحوافز التمويلية الموجهة للتحالفات الانتخابية. والأهم أن هذه الأحزاب، رغم تحالفها، لا تفقد هويتها السياسية أو استقلالها التنظيمي، بل تحافظ عليها ضمن إطار من التعاون لتحقيق أهداف مشتركة.

في الأردن، يتضمن قانون الانتخاب بعض الحوافز التمويلية وعتبة الحسم التي من شأنها تعزيز تماسك الأحزاب. ومع ذلك، فإن هذه الحوافز ما تزال محدودة، ولا تكفي لتشجيع الأحزاب المتشابهة على التعاون والتحالف بشكل فعّال. وبهذا يبقى المشهد الحزبي ضعيفًا ومجزأً، وعاجزًا عن تشكيل جبهات انتخابية قوية.

من المهم أن يُعيد قانون الانتخاب النظر في زيادة الحوافز التمويلية للأحزاب التي تتحالف ضمن قوائم مشتركة، إلى جانب تعديل بعض المواد القانونية لتسهيل عملية التحالفات بين الأحزاب، مع ضمان استقلالية كل حزب والحفاظ على هويته السياسية.

الواقع الأردني والتحديات المستمرة

قبل التحديث السياسي الأخير، كان هناك 56 حزبًا في الأردن، واليوم أصبح العدد 42 حزبًا بعد الإصلاحات، وهو قابل للزيادة مستقبلًا. هذا الانخفاض يُعد خطوة إيجابية نحو تنظيم المشهد الحزبي، لكنه ليس كافيًا إذا لم يترافق مع خطوات عملية لتشجيع التحالفات ومن ثم الاندماجات على أسس سياسية وبرامجية واضحة.

ورغم هذا التقدم، لا تزال الأحزاب تعاني من ضعف التعاون والانقسامات الداخلية، ما يحد من قدرتها على تقديم برامج انتخابية متماسكة وقوية.

مقترحات عملية: من التشرذم إلى التعاون

لتحقيق تطور حقيقي في الحياة الحزبية الأردنية، لا بد من:

زيادة الحوافز التمويلية للأحزاب التي تتحالف في القوائم المشتركة.

تفعيل دور الهيئة المستقلة للانتخاب لدعم التمثيل المتوازن، خاصة للشباب والمرأة.

تشجيع الاندماجات بين الأحزاب المتقاربة من خلال تسهيلات قانونية ودعم معنوي.

انسجامًا مع هذا التوجه، أطلق الحزب المدني الديمقراطي مبادرة وحدة التيار الديمقراطي، إيمانًا بأن الانتقال من حالة التشرذم إلى بناء تكتل حزبي فاعل لا يتحقق بالشعارات فقط، بل بالممارسة العملية. تهدف المبادرة إلى جمع القوى الديمقراطية ذات البرامج والرؤى المتقاربة تحت مظلة واحدة، بما يتيح تقديم بديل سياسي حقيقي وفاعل، ويعكس الإرادة الشعبية في الإصلاح والتحديث.

هذه المبادرة تُترجم عمليًا ما ندعو إليه من إصلاحات في قانون الانتخاب، وتُظهر أن الطريق نحو مشهد حزبي متماسك يمر عبر التشجيع على الاندماجات والتكتلات، مع الحفاظ على استقلالية الأحزاب داخل إطار أوسع من التعاون.

لا ينبغي أن تتحول تعددية الأحزاب إلى عبء أو فوضى سياسية. الديمقراطية الحقيقية تتحقق عندما يتمكن كل حزب من التعبير بصدق عن مكوّناته، وتُتاح للمواطنين خيارات سياسية واضحة ومتماسكة.

وكـ رئيس لجنة الأحزاب في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وكـ أمين عام للحزب المدني الديمقراطي، أؤمن أن الاندماجات الحزبية هي السبيل الأمثل لتقليص التشتت، وبناء حياة حزبية أكثر قوة وفاعلية. وهذا لن يكون ممكنًا إلا عبر تطوير قانون الانتخاب ليُشجع التحالفات ويقدم لها الحوافز الملموسة، بما يمهّد لبناء تكتلات حزبية وطنية قادرة على قيادة مرحلة التحديث السياسي.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :