facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




خدمة العلم اعادة تشكيل الوعي في الهوية الوطنية ..


هاني الدباس
20-08-2025 09:28 AM

من يتأمل في قرار إعادة تفعيل خدمة العلم في الأردن، يدرك أنه لا يقف عند حدود التدريب العسكري والانضباط المنشود للشباب الأردني، بل يتجاوز ذلك إلى مشروع وطني متكامل يعيد صياغة علاقة المواطن بوطنه، ويرسّخ فلسفة المواطنة في أعمق معانيها.
القرار الذي أطلقه جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي العهد ليس استجابة ظرفية، بل هو قراءة واعية لحاجة الدولة إلى إعادة تشكيل وعي الشباب وصقل هويتهم الوطنية في ظل عالم متغير.

فلسفة المواطنة التي تتجلى في خدمة العلم تتأتى من حقيقة مفادها ان الانتماء لا يكون بالشعارات، وأن الولاء لا يُختبر في لحظة عابرة، وإنما يُبنى عبر تجربة حيّة يعيشها الشاب بكل تفاصيلها. في هذه التجربة يتعلم الفرد أن الوطن ليس مجرد حدود جغرافية أو جواز سفر، بل هو منظومة من القيم والمسؤولية.

خدمة العلم بهذا المعنى تبني لمنظومة من الوعي تجاه الحقوق والواجبات ..

يعيش الشباب ،وهم غالبية المجتمع اليوم ، في عالم متشابك تغزوه وسائل التواصل والحداثة الرقمية التي تؤثر بشكل مباشر في إضعاف العلاقة بين الإنسان وبيئته، وهنا تتجلى حكمة القرار، إذ انه يعيد الاعتبار للهوية الوطنية بمفهومها الأعمق ، انطلاقاً من الممارسة اليومية والانضباط العملي، فعندما ينخرط الشاب في ميدان التدريب، جنبًا إلى جنب مع أبناء محافظات مختلفة، فإنه يختبر معنى المساواة الحقيقية القائمة على المواطنة بوصفها انتماءً جامعًا يتجاوز الاختلافات المناطقية أو الاجتماعية.

خدمة العلم تفتح أيضًا أفقًا جديدًا لفلسفة الهوية الوطنية في بعدها التنموي، فالوطن ليس كيانًا ساكنًا بل مشروعًا مستمرًا، والشباب هم شركاء في صياغة هذا المشروع.

من هنا يأتي هذا التوجه الوطني لا لفكر الانضباط العسكري وحده، وإنما عبر برامج تدريبية ومهنية تؤكد أن الدفاع عن الوطن لا يكون بالسلاح فقط، وإنما بالعلم والعمل والقدرة على الإنتاج وهنا يتلاقى معنى الجندية مع معنى التنمية، ليُنتج نموذجًا متوازنًا للمواطن الذي يحمي ويبني في آن واحد.

أما في بعدها الفلسفي الأعمق، فإن خدمة العلم تُعيد إحياء قيمة المسؤولية المشتركة بين الفرد والدولة ، فالمواطنة عقدٌ اجتماعي يقوم على الشراكة والثقة المتبادلة فالدولة تؤمن للشباب فرصة التدريب والتأهيل والانخراط في سوق العمل، والشاب يقدم الجهد والانضباط والالتزام القيمي ، شراكة تعزز الثقة بين المواطن ومؤسساته، وتحوّل الانتماء من مجرد شعور وجداني إلى ممارسة يومية.

إن توقيت القرار يؤكد أن الأردن يقرأ التحولات الإقليمية والعالمية ويواجه تحدياته بفكر استراتيجي. ففي ظل أزمات اقتصادية واجتماعية عابرة للحدود، وفي عالم يزداد فيه الفرد انعزالًا وانكفاءً على ذاته، تأتي خدمة العلم لتعيد الشاب إلى دائرته الوطنية، وتزرع في داخله إدراكًا بأنه جزء من كيان أكبر، وأن قيمته الفردية تتضاعف حين تتكامل مع قيم الآخرين في مشروع وطني جامع.

هنا تصبح خدمة العلم ليست مجرد سياسة حكومية، بل رؤية فلسفية لإعادة إنتاج الهوية الوطنية وتعميق جذور المواطنة.

الأردن يراهن على شبابه، لا باعتبارهم مجرد طاقة عابرة، بل باعتبارهم عماد المستقبل ، وفي الوقت نفسه هو وعد بأن الوطن سيبقى متماسكًا، ما دام أبناؤه يدركون أن الانتماء ليس كلمة، بل ممارسة وعمل منضبط ، ومسؤولية ورسالة.

* عضو مجلس ادارة جمعية الاقتصاد السياحي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :