facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحقوق تُستنزف .. لأن العقوبة لا تُخيف


محمود الدباس - أبو الليث
21-08-2025 02:38 AM

كثيرة هي الخلافات التي تنهش جسد المجتمع.. يذهب أصحابها إلى المحاكم.. وكأنها بوابة الخلاص.. فإذا بهم يجدون أنفسهم عالقين في دهاليز طويلة.. إجراءات لا تنتهي.. ومماطلات تجعل الحق أقرب إلى الوهم.. فالقانون موجود.. لكنه كثيراً ما يبقى اشبه بحبرٍ على ورق.. وثغراته تُستغل بدهاء.. وعقوباته حين تُطبق.. تكون ضعيفة.. فلا تردع ظالماً.. ولا تحمي مظلوماً..

وكم من صاحب عقار.. أصبح يندم على كل دينار استثمره.. بعدما تحوّل المستأجر إلى سيّد العقار بالقانون.. فلا يدفع ما عليه.. ولا يخرج منه.. إلا بسنوات من القضايا والمرافعات.. وكم من صاحب حقٍ ظن أن المحكمة ستعيد إليه أمواله مباشرةً.. فإذا بالخصم يختبئ خلف الثغرات.. ويكسب الوقت.. حتى تتبخر قيمة الحق.. أو يُرهق صاحبه من طول الانتظار..

وكم من عائلة دفعت أموالاً طائلة.. لاستقدام خادمة مسجلة باسمها.. لتتفاجأ بعد فترة.. أنها تركت المنزل.. وذهبت إلى غيرهم.. دون أن يدفعوا سوى أجرتها الشهرية.. بينما يبقى صاحب الحق مثقلاً بالتكاليف والرسوم.. وقد تتم مساءلته اذا ما حدث لها شيء..

وكم من مواطن اصطدمت سيارته بسيارة أخرى.. فإذا بالمخطئ يفرّ هارباً.. ويذهب مباشرةً إلى ورشة تصليح.. لا تسأل ولا تتحقق.. ليضيع حق المتضرر بين غياب الرقابة.. وضعف الردع..

إن المشكلة ليست في النصوص وحدها.. فكثير من القوانين لو طُبقت كما يجب.. لكفت وأشبعت.. بل في غياب الإرادة الصارمة.. والآليات الحاسمة.. فالمخالف حين يعلم أن العقوبة مؤجلة.. أو قد لا تطاله أصلاً.. يستهين بالقانون.. ويمضي في تجاوزه.. كأن لا وجود له.. أما حين يدرك.. أن العقوبة سريعة وقاسية.. فإنه لن يفكر مجرد التفكير بارتكابها..

ولنا في تجارب بعض الدول أمثلة واضحة.. إذ ربطوا الإيجارات بمنصات إلكترونية موثقة.. وحسابات بنكية.. فإذا تخلف المستأجر شهرين عن الدفع.. انذره البنك.. وليس صاحب العقار.. وإن لم يسدد ما عليه.. وجد نفسه خارج العقار بقرار نافذ.. ولا تقف الأمور عند هذا الحد.. بل لا يستطيع استئجار عقار آخر.. إلا ببراءات ذمة كاملة.. ومَن أجّره خارج المنصة.. غُرّم بما لا يقل عن مئة ألف دولار.. فصار الالتزام عقداً مُلزماً.. لا خيار فيه..

وفي ملف الخادمات.. لا يُسمح بتشغيل إحداهن.. إلا عبر المنصة الرسمية.. ومَن خالف.. دفع غرامة تقصم الظهر.. قد تصل إلى مئتي ألف دولار..

وفي حوادث السير.. لا ورشة تتجرأ على تصليح مركبة دون كروكا رسمية من الشرطة.. وإلا دفع صاحب الورشة خمسين ألف دولار فوراً..

وهكذا أُغلقت الثغرات.. وتحوّل القانون إلى سيف يردع.. قبل أن يُستخدم..

نحن ندعو إلى التشدد في العقوبة.. وإلى عدالة حقيقية.. تنصف المظلوم وتحمي المجتمع.. فكم من حقوق اليوم تُستنزف.. لأن العقوبة لا تُخيف.. وكم من مظالم كان يمكن أن تُحل في أيام.. لكنها تحوّلت إلى سنوات من النزاع.. بسبب ضعف الردع..

ولو طُبقت القوانين بصرامة.. لاختفت آلاف القضايا من أروقة المحاكم.. ولشعر المواطن.. أن الدولة تحميه فعلاً.. لا تتركه يواجه مصيره وحيداً..

إن الحكومة مطالبة اليوم.. بتبني أنظمة إلكترونية شاملة.. تربط العقود والمعاملات بالجهات الرسمية.. وتفرض عقوبات مالية رادعة.. مع إعلان تطبيقها أمام الجميع بشفافية.. فالعدالة لا تتحقق.. إلا إذا كان القانون سريعاً.. والعقوبة معلنة.. والإرادة صلبة..

وحينها فقط.. سيحسب كل مَن تسوّل له نفسه الاعتداء على حقوق الآخرين ألف حساب.. قبل أن يخطو خطوة واحدة.. وستُختصر الطريق إلى العدالة.. ويُبنى جدار ثقة بين المواطن والدولة.. لا تهزه المناكفات.. ولا الخلافات..

فالقانون بلا تطبيق.. ظلّ لا يقي من حرّ الشمس.. والحقوق بلا حماية.. استنزاف لا يتوقف..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :