facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"الضمة بتضُم"… فهل تُغني عن الكسرات؟


السفير الدكتور موفق العجلوني
21-08-2025 10:02 AM

في مشهدٍ نحويٍّ يختلط فيه التعبير اللغوي بالمعاناة الاجتماعية، تطلّ علينا مؤسسة سمو ولي العهد بحملة "الضمة بتضُم" عبر المنصة الوطنية للتطوع "نحنُ"، بالشراكة مع اليونيسف ووزارة الشباب، في محاولة نبيلة لتعزيز روح التطوع وترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية لدى الشباب الأردني.

"الضمة" هنا ليست حركة إعرابية، بل استعارة معنوية تُراد بها الإشارة إلى الاحتواء، التمكين، والانتماء. هي نداءٌ وطني للتكاتف، ومبادرة هادفة لجمع الجهود الفردية في إطار مؤسسي يفتح المجال أمام الشباب للمشاركة في بناء الوطن عبر العمل التطوعي، لا سيما في القضايا البيئية مثل زراعة الأشجار، ترشيد المياه، وإدارة النفايات، في انسجام مع أهداف التنمية المستدامة.

ولكن، ورغم أهمية هذه الحملة، يبقى السؤال المؤلم: هل تكفي "الضمّة" لتغطية كسرات الواقع، وفتحات الأمل المعلّقة، وهمزات الانقطاع بين الشباب وفرص الحياة الكريمة؟

بين شعار "نحنُ" وصرخة "أين نحن؟" منصة "نحنُ" تقول إنها مع الشباب، لكن آلاف العاطلين عن العمل يتساءلون: أين نحن من هذه "الضمة"؟ وأين نحن من الفرص الحقيقية؟ وهل يكفي أن نتطوع ونشارك دون أن نحصل على المقابل الذي نحلم به: وظيفة، دخل مستقر، ومستقبل مضمون؟

نعم، لا ننكر أهمية العمل التطوعي، ولا ننتقص من قيمته في بناء الذات والوطن. بل نُشيد بجهود مؤسسة ولي العهد، وبدور سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني حفظه الله ، الذي طالما حمل قضايا الشباب على عاتقه، إيمانًا بأنهم جوهر التغيير وصنّاع المستقبل.

لكن الحقيقة الأصعب هي أن هذه الجهود – رغم نُبلها – لم تصل بعد إلى عمق المشكلة: شباب يحملون شهادات من أرقى الجامعات محلياً ودولياً، و لا يجدون وظائف، وطاقات مهدورة تتكدّس في المقاهي وعلى الأرصفة، وكرامات تُكسر تحت وطأة الانتظار الطويل.

حين لا تكفي الضمة…الضمة التي نحتاجها اليوم، لا يجب أن تكون مجازية أو إعلامية فقط، بل واقعية وعملية. نحتاج إلى ضمّةٍ تحوّل الطموحات إلى فرص، والمبادرات إلى إنجازات، والشعارات إلى برامج ملموسة. الضمّة يجب أن تُترجم إلى:

صندوق وطني لتشغيل الشباب: يوجّه التمويل نحو مشاريع تشغيل حقيقية في قطاعات تحتاج كفاءات متخصصة كالهندسة، التكنولوجيا، والقطاع الصحي، مع إعطاء الأولوية للخريجين الجدد.

برامج تأهيل متقدمة: تصميم برامج تدريب وشهادات مهنية متماشية مع سوق العمل المحلي والعالمي، حتى لا يبقى الخريج حبيس تخصصه، بل يصبح منافسًا عالميًا.

تمثيل شبابي حقيقي في السياسات العامة: لا بد أن يكون للشباب صوت مؤثر في صياغة السياسات الاقتصادية والتشغيلية التي تمسّ حياتهم مباشرة، عبر مجالس وطنية شبابية مستقلة وفاعلة.

شراكة فعلية مع القطاع الخاص: من خلال تحفيز الشركات عبر إعفاءات ضريبية أو دعم مالي مباشر، لضمان خلق وظائف لا مجرد فرص تدريب أو عقود مؤقتة لا تسمن ولا تغني من جوع.

مراجعة جذريّة لسياسات التوظيف المؤقت: لم تعد العقود المؤقتة تفي بالغرض، بل تزيد من هشاشة الاستقرار المالي والنفسي. الحل هو التشغيل الدائم بأجور عادلة تحفظ كرامة الشباب.

العدالة هي الضمّة الحقيقية، ، لا تُبنى الأوطان بالشعارات، بل بالعدالة. ولا ينهض المجتمع إذا بقيت الفرص حكرًا على أصحاب الواسطة، بينما يُستثنى أصحاب الكفاءة. الضمّة التي نرجوها ليست شعارًا، بل نظامًا يتساوى فيه الجميع، وتُكافأ فيه الجهود، لا العلاقات...!!!
لا نرفض المبادرات، بل نرفض أن تكون بديلاً عن الحلول الحقيقية. ولا ننتقد الحملة، بل نطالب بتوسيعها لتضم من لم تُضمهم الضمات السابقة.

واخيراً و ليس اخراً ، نُقدّر كل مبادرة، وكل منصة، وكل جهد صادق يُبذل لأجل الشباب. لكننا نُطالب بالمزيد. نُطالب بأن تتحول حملة "الضمة بتضُم" من منصة تطوع إلى منصة تحوّل… أن تضمّ صوت الشاب وصمت العاطل وطموح الطالبة وحيرة الخريج.

أن تكون بداية لسلسلة من السياسات العادلة، والشراكات الفعالة، والتشريعات القوية التي تجعل من هذا الوطن مكانًا لا يُقصي شبابه، بل يحتضنهم، يدعمهم، ويعطيهم فرصة حقيقية ليكونوا كما أرادهم الوطن: قادة لا متطوعين فقط، منتجين لا مجرد مشاركين، ومواطنين مرفوعي الرأس لا مرفوعي الشعارات.

فـ "الضمّة" التي نريدها... سيدي ومولاي سمو الامير الحسين، وانا اخاطب سموكم شخصياً من على منصة عمون الغراء، وقد تواصلت، واتواصل يومياً مع أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة ورؤساء مجالس الإدارة والمدراء العامون ورجال الاعمال والمسؤولين ...ولكن لا حياة لمن تنادي ...!!! وعود عرقوب، و وانتظار قودوت ( Waiting for Godot ) ...!!! يا سيدي الضمة التي نريدها: هي تلك التي تُنهي الكسر، وتفتح الأمل، وتشُدّ من أزر الشباب، لا تلك التي تُرفع في جملة إعلامية وتنتهي بنقطة صمت.

* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :