مبادرة وطنية: دور المتسوق الخفي في العاطلين عن العمل
السفير الدكتور موفق العجلوني
23-08-2025 12:30 PM
في خطوة تعكس جدية دولة الرئيس الدكتور جعفر حسان في إصلاح الأداء المؤسسي وتعزيز جودة الخدمات، وخلال لقائه الأمناء العامين للوزارات شدد دولته على ضرورة تفعيل دور "المتسوق الخفي" في المرحلة المقبلة، ليكون أداة رقابية فاعلة تقيم الواقع وتدفع نحو التطوير الميداني.
وقد أشاد كثيرون بهذه الرؤية المتقدمة، التي تمزج بين الرقابة الفعالة والتحول الرقمي والتشاركية في صنع القرار، باعتبارها مدخلًا حقيقيًا لتحقيق التحديث الإداري والتنمية المستدامة أصبح من الضروري توسيع مهمة المتسوق الخفي ليكون أيضًا باحثًا ميدانيًا عن العاطلين عن العمل، يسهم في ربطهم بفرص وظيفية ومصادر رزق، ضمن صلاحيات قانونية وإدارية واضحة
و قبل الخوض في هذا الموضوع الهام، لا بد من استعراض مفهوم المتسوق الخفي باللغتين العربية والانجليزية:
o "المتسوق الخفي : Mystery Shopper . وهو شخص يتم توظيفه لتقييم جودة الخدمات أو أداء الموظفين دون أن يُعرف أنه يقوم بالتقييم، وذلك من خلال تظاهره بأنه زبون عادي: Mystery Shopper - Secret Shopper - Performance Auditor in Disguise .
o مُقيّم أداء متخفٍ: تُستخدم في السياقات الحكومية أو الإدارية عندما يكون الهدف هو مراقبة وتقييم الأداء سراً: Anonymous Service Evaluator .
o مُقيّم خدمات مجهول الهوية: تركّز على الجانب الخدمي والتقييم السري لجودة الخدمات.
o مفتش جودة ميداني – متخفٍ، مناسبة للسياقات التي تركز على زيارات ميدانية وفحص مباشر دون إعلان مسبق: Field Quality Inspector (Undercover) .
o مُقيِّم حكومي سرّي: تعطي انطباعًا بالقوة والصفة الرسمية، مناسبة لمقال يتحدث عن دور رقابي قانوني: Covert Government Evaluator.
o مُقيّم ميداني مجهول يتمتع بصلاحيات قانونية: Anonymous Field Evaluator with Legal Authority.
في ظل التوجيهات الحكومية الأخيرة بتفعيل دور "المتسوق الخفي" لتقييم أداء المؤسسات والخدمات العامة، تبرز الحاجة إلى تطوير هذا الدور ليتعدى الرقابة والتقييم، ويصبح أداةً فاعلة في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى رأسها مشكلة البطالة: "مبادرة وطنية لاكتشاف العاطلين عن العمل وتمكينهم ".
إن تحويل المتسوق الخفي من مجرد مراقب للأداء إلى مبادرة وطنية تسعى لاكتشاف العاطلين عن العمل في الميدان، وتوجيههم نحو فرص وظيفية حقيقية ومصادر رزق مستدامة، يُعد خطوة استراتيجية تتماشى مع رؤى التحديث والإصلاح.
ويمكن تصور هذا الدور الجديد للمتسوق الخفي كـ "رقيب اجتماعي إداري" يتمتع بصلاحيات قانونية واضحة، تكفل له:
الوصول إلى الفئات المهمشة والباحثة عن العمل في مختلف المحافظات والقطاعات. وتقييم فرص العمل المتاحة في القطاعين العام والخاص، والتحقق من مدى ملاءمتها للمواطنين.
رفع تقارير مباشرة إلى الجهات الحكومية تتضمن توصيات فورية، وخطط للتشغيل والتدريب، وحصر العقبات التي تعيق توظيف الشباب.
اقتراح مشاريع صغيرة أو مبادرات تشغيل ذاتي للفئات التي يصعب دمجها في سوق العمل التقليدي.
صلاحيات قانونية وإدارية لتعزيز التأثير. لكي ينجح هذا التحول في دور المتسوق الخفي، لا بد من:
o منحه صفة رسمية بمرجعية حكومية مباشرة، وربطه برئاسة الوزراء أو وزارة العمل لضمان التنسيق الفعّال.
o تفويضه بصلاحيات رقابية وتنفيذية تتيح له التدخل المباشر، ورفع التوصيات الملزمة للوزارات والمؤسسات المعنية.
o توفير أدوات رقمية وتقنية تُمكّنه من توثيق الملاحظات، وتقديم البيانات الفورية لصنّاع القرار.
o الأثر المتوقع: كرامة المواطن وتحسين الخدمات. إن تفعيل هذا الدور الجديد للمتسوق الخفي سيسهم في:
• تقليل معدلات البطالة بشكل عملي ومباشر.
• تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال الوصول إلى من لا تصلهم المبادرات التقليدية.
• رفع مستوى الثقة بين المواطن والحكومة من خلال التواصل الميداني والاستجابة السريعة للمشاكل.
• تحسين جودة الخدمات وتوجيه الجهود الحكومية بشكل أدق بناءً على بيانات واقعية من الميدان.
لم تعد مواجهة البطالة مسؤولية وزارة العمل وحدها، بل هي مهمة وطنية شاملة تتطلب أدوات جديدة وغير تقليدية. وإن تفعيل دور المتسوق الخفي كباحث ميداني عن المتعطلين عن العمل، يفتح آفاقًا جديدة للتغيير، ويُترجم أقوال الحكومة إلى أفعال ملموسة على الأرض. إنه ليس مجرد "متسوق" خفي، بل مواطن شجاع بصلاحيات قانونية، يبحث عن كرامة الآخرين ويعيد لهم الأمل.
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me