أطل علينا بإطلالته البهية الأستاذ سمير الحيارى من خلال عرينه عمون الغراء التي نستظل بظلالها الوارفة في ارجاء المعمورة، والذي طُرح من خلالها ألف سؤال تحتاج الى الاف الإجابات حول إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم. رغم كثرة الأسئلة والآراء والجدل، يبقى الجواب برأي المتواضع "واحدًا" : خدمة العلم هي خدمة للوطن، وبناء للإنسان، وتعزيز للانتماء الوطني.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة العميقة بصاحب المبادرة، ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني حفظه الله، الذي أطلق هذا البرنامج برؤية عصرية تعكس فهمًا دقيقًا لاحتياجات الشباب الأردني، وأهمية دورهم في مسيرة الدولة. فسموّه ينظر إلى الشباب لا كعبء، بل كطاقة كامنة يجب أن تُفعّل وتُصقل وتُعد لتحمل المسؤولية في زمن تتعاظم فيه التحديات.

خدمة العلم ليست عقوبة، ولا واجبًا ثقيلًا، بل فرصة وطنية وشخصية لكل شاب أردني. هي فرصة لصقل الشخصية، وتعزيز الانتماء، وغرس قيم الانضباط والمسؤولية. وهي كذلك وسيلة حقيقية لإعداد أجيال قادرة على مواجهة الأزمات، والوقوف مع الدولة في السلم كما في الظروف الطارئة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

أما الحديث عن "ثلاثة أشهر" وكأنها عبء، فهو تجاهل لحقيقة أن معظم دول العالم المتقدم تطبق الخدمة الإلزامية لفترات أطول، لأنها تدرك ما في ذلك من أثر إيجابي عميق على الفرد والمجتمع. خدمة العلم هي استثمار في الإنسان الأردني، وهو أغلى ما نملك. ولهذا، فكل النقاشات والردود التي قد تصل إلى "ألف سؤال"، لا تحتاج إلا إلى جواب واحد واضح: خدمة العلم تصب في خدمة الوطن، وتعزز الجاهزية الوطنية، وتغرس الانتماء الحقيقي، وتؤسس لجيل قوي قادر. وفي زمن المتغيرات، نحتاج إلى الثوابت — وأهمها بناء الإنسان الأردني.

"إذا كنتم ترفضون خدمة العلم، فبأي شكل تتخيلون بناء الانتماء، والانضباط، والجاهزية الوطنية، ومتى سيكون الشباب على استعداد لخدمة الوطن — إن لم يكن في وقت السلم وببرنامج لا يتجاوز ثلاثة أشهر؟"

إن برنامج خدمة العلم ليس أمرًا استثنائيًا ولا بدعة أردنية، بل هو ممارسة راسخة في معظم دول العالم، تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتمنح الشباب فرصة لا تعوّض لاكتساب الانضباط، وبناء الذات، وتقدير قيمة الوطن من خلال العمل الجماعي والالتزام. ثلاثة أشهر فقط، لكنها تحمل أثرًا طويل الأمد على الفرد والعائلة والمجتمع والدولة.

من غير المنطقي أن نُحدث كل هذا الجدل حول أمر بهذه القيمة، لا سيما في وقت نحتاج فيه إلى ترسيخ الجاهزية الوطنية، وتحصين مجتمعنا في وجه التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة.

إن أي صوت يُقلل من شأن هذا البرنامج، إنما يغفل عن حقيقة أن الدول القوية تُبنى بإرادة شبابها، وببرامج تخلق فيهم روح الانتماء والمسؤولية.

فمرة أخرى، ورغم كل الضجيج، نقول: الجواب واحد على ألف سؤال — خدمة العلم هي خدمة للوطن، ورافعة لقوة الدولة، وتجسيد حقيقي للانتماء.

حمى الله الوطن وقائد الوطن، والشعب الأردني الأصيل الذي يقف صفاً واحداً خلف قيادته جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الميمون سمو الامير الحسين حفظهم الله.

* مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me