الكويت وتجديد الصوت الداعم لغزة
السفير الدكتور موفق العجلوني
02-09-2025 09:59 AM
في خضم التحولات الإقليمية المتسارعة، وما يشهده قطاع غزة من تصعيد إنساني كارثي، جددت دولة الكويت الشقيقة، عبر معالي وزير الخارجية السيد عبد الله اليحيا، موقفها الثابت والمبدئي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا في كلمته خلال الاجتماع الـ ١٦٥ للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي عُقد في الكويت برئاسته، أن الأزمة في غزة تمثل وصمة على جبين المجتمع الدولي، الذي لا يزال عاجزًا عن وقف السياسات العدوانية الإسرائيلية.
وقد تُوِّجت هذه المواقف في البيان الختامي للاجتماع، الذي عبّر عن إجماع خليجي قوي على إدانة العدوان الإسرائيلي الشامل على غزة، وما خلّفه من دمار هائل وسقوط آلاف الضحايا المدنيين، مطالبًا بتحرّك دولي عاجل وفعّال لوقف هذه الانتهاكات، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
وأكد اليحيا في كلمته أن الاجتماع الخليجي يأتي في وقت تدخل فيه المأساة الإنسانية في غزة عامها الثاني، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وشدد على أن الاستهداف المباشر للمدنيين والبنى التحتية من قبل الاحتلال يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا وفعّالًا، وليس فقط بيانات إدانة متكررة دون أثر عملي.
في الوقت نفسه، أعرب عن أمله في أن تكون الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة منصة لتعزيز الحوار وترسيخ القيم الإنسانية، مشددًا على أن النظام الدولي لا بد أن يتحرك لضمان حماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
حقيقة، لم تكن هذه التصريحات منفصلة عن النهج السياسي الكويتي الممتد منذ عقود. فالكويت، قيادةً وحكومةً وشعباً، تُعد من أبرز الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، وتلتزم بمواقف واضحة وثابتة تدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
منذ بداية العدوان على غزة، لم تتوقف الكويت عن تقديم الدعم السياسي والإنساني، فقد أدانت مرارًا الانتهاكات الإسرائيلية، وشاركت في المحافل الدولية لإيصال الصوت الفلسطيني، كما ساهمت في الجهود الإغاثية من خلال جمعياتها الخيرية النشطة في الداخل والخارج.
وكما هو معروف للقاصي والداني، تتبنى دولة الكويت دائماً خطابًا عقلانيًا ومتوازنًا ومسؤولًا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وكانت من أوائل الدول التي طالبت بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني، ووقف سياسة العقاب الجماعي، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه. وتمثّل هذا الدور مؤخرًا في دعوة وزير خارجيتها للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
في عالم تتنازعه الحسابات والمصالح، تبقى الكويت نموذجًا للدولة الصغيرة بحجمها، الكبيرة بمواقفها. تصريحات معالي وزير الخارجية السيد عبد الله اليحيا لم تكن مجرد خطاب دبلوماسي، بل كانت تجديدًا للميثاق الأخلاقي والسياسي الذي تتبناه الكويت في دفاعها عن الحق الفلسطيني، ورسالة واضحة بأن المواقف الثابتة لا تُقاس بالحجم، بل بالمبدأ والضمير.
مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me